عشرة مؤجلة إلى سنة، إلى سنتين بشرط أن يقضيها بعشرين مثلًا كما هو مبسوط في محله.
(و) السادس (التولي يوم الزحف) أي الإدبار والهرب يوم القتال، ووقت المقاتلة عن ضعف المسلمين، لا عن ما زاد عن الضعف، والزحف القتال وأصله المشي المتثاقل، كالصبي يزحف قبل أن يمشي، والبعير إذا أعيى فجر فرسنه -أي طرف خفه- وقد سُمي الجيش بالزحف لأنه يزحف فيه للازدحام، والتولي عن القتال إنما يكون كبيرة إذا فر إلى غير فئة، وإذا كان العدو ضِعفي المسلمين، أو أقل منهما، على ما سيأتي في الجهاد إن شاء الله تعالى، وقال ابن العربي: يوم الزحف هو ساعة القتال، وقال ابن منير: والزحف هو الإدراب في أرض العدو، أي الدخول فيها، فالتولي بعده وقبل القتال كبيرة عليه لا على الأول.
(و) السابع (قذف المحصنات) وكذلك قذف المحصنين، فهو كقوله "من أعتق شِركًا له في عبد" والمحصنات بكسر الصاد وفتحها قراءتان سبعيتان، والمراد بالمحصنات هنا العفائف، فالإحصان هنا العفة عن الفواحش، وقد بُني الإحصان في الشرع على خمسة أمور: العفة والإِسلام والنكاح والتزويج. أي الوطء -والحرية أي رمي المحصنات بالزنا (الغافلات) عما رمين به من الفاحشة أي هن بريئات من ذلك لا خبر عندهن منه (المومنات) بالله سبحانه وتعالى لا الكافرات ولو كتابية.
قال النواوي: وأما عده صلى الله عليه وسلم التولي يوم الزحف من الكبائر فدليل صريح لمذهب العلماء كافة في كونه كبيرة، إلَّا ما حكي عن الحسن البَصْرِيّ رحمه الله تعالى أنَّه قال: ليس هو من الكبائر، قال: والآية الكريمة في ذلك، إنما وردت في أهل بدر خاصة، والصواب ما قاله الجماهير: أنَّه عام باق، والله أعلم.
وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة شارك المؤلف في روايته البُخَارِيّ (٢٧٦٦) وأبو داود (٢٨٧٤) والنَّسائيّ (٦/ ٢٥٧).