منه الرجوع عن دينه فتضرع إلى الله تعالى (فقال) في تضرعه (اللهم اكفنيهم) أي يا آلهي كن كافيًا لي ودافعًا عني شرّهم (بما شئت) من مكرك وحفظك (فرجف بهم الجبل) أي اضطرب وتحرك بهم حركة شديدة، قال الأبي: أي تحرك بهم الجبل وزلزل زلزلة شديدة، ومنه {يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ} قال القاضي: وهو عند الصدفي بالزاي والحاء المهملة والصواب الأول وإن كان الزحف بمعنى الحركة يقال زحف القوم إلى عدوهم أي نهضوا اهـ منه (فسقطوا) من الجبل وهلكوا (وجاء) الغلام (يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك) الذين ذهبوا معك فـ (قال) الغلام للملك (كفانيهم الله) أي كفاني شرهم ودافعه عني بحفظه وحوله (فدفعه) الملك (إلى نفر) آخرين (من أصحابه، فقال) لهم الملك (اذهبوا به) إلى جهة البحر (فاحملوه) أي فاحملوا هذا الغلام (في قرقور) وسفينة، والقرقور بضم القافين بينهما راء ساكنة، وذكر بعض العلماء أن القرقور سفينة كبيرة، وذكر بعضهم أنها سفينة صغيرة، والراجح في سياق الحديث أنها الصغيرة لأنها هي التي تستعمل في مثل هذه المواقع لا الكبيرة، وقال ابن دريد وصاحب العين: القرقور ضرب من السفن والمناسب للحال والحديث أنه الصغير لأنه هو الذي يستعمل في مثل هذا الحمل، وفي حديث قصة موسى - عليه السلام - فلما رأوا التابوت في اليم ركبوا القراقير حتى أتوا به، والكبير إنما يُستعمل في عظام الأمور، ولعل الملك قصد الكبير ليتوسطوا به البحر ويبعدوه اهـ من الأبي، وقال القرطبي: القرقور ضرب من السفن عربي معروف والمعروف عند الناس فيه استعماله فيما صغر منها وخف للتصرف فيه اهـ مفهم (فتوسطوا به البحر) أي فادخلوا به وسط البحر (فإن رجع عن دينه) فاتركوه وارجعوا به (وإلا) أي وإن لم يرجع عن دينه (فاقذفوه) أي فارموه في البحر، وفي رواية الترمذي "فانطلق به إلى البحر فغرق الله الذين كانوا معه وأنجاه"(فذهبوا به) إلى البحر (فقال) الغلام (اللهم اكفنيهم بما شئت) من مكرك وحولك وقوتك (فانكفأت) أي فانقلبت (بهم) أي بأولئك النفر (السفينة) في البحر، يقال كفأه كمنعه وأكفأه إذا قلبه وكبه