وسلم - قال) أبو بكر (نعم) أخبرك يا أخي (أسرينا) أي سرينا (ليلتنا كلها) ليلة خرجنا من الغار (حتى قام) وحصل ظل (قائم) أي واقف وقت (الظهيرة) أي وقت انتصاف النهار وهو ظل وقت استواء الشمس أي بلوغها وسط السماء، قال النووي (قائم الظهيرة) نصف النهار وهو حال استواء الشمس سُمي قائمًا لأن الظل لا يظهر حينئذ فكأنه واقف قائم، وقال القاضي عياض: الظهيرة الهاجرة وهي ساعة الزوال ومنه سُميت صلاة الظهر، قال يعقوب: الظهيرة نصف النهار وهي أن تكون الشمس بحيال رأسك وتركد حتى كأنها لا تبرح وهو معنى قوله - رضي الله عنه -: "قام قائم الظهيرة" أي كأنه وقف ولم يبرح وهي كناية إما عن وقوف الشمس أو وقوف الظل عن الزيادة حتى يتبين زوال الشمس اهـ من الأبي.
والسرى وكذا الإسراء سير الليل أي أسرينا ومشينا ليلتنا ليلة إذ خرجنا من الغار (حتى) إذا (قام قائم الظهيرة) وإذا الشرطية مقدرة هنا (وخلا الطريق) عن المارة واشتد علينا السير وعجزنا عنه معطوف على قام (فلا يمر فيه أحد) من الناس لشدة الحر، وقوله (حتى رُفعت لنا) جواب إذا المقدرة وحتى هنا زائدة كما هي ساقطة في نسخ شرح الأبي وشرح السنوسي أي ظهرت لأبصارنا (صخرة طويلة لها ظل لم تأت عليه) أي على ذلك الظل أي لم تصل إلى ذلك الظل (الشمس) أي ضوءها (بعد) أي الآن أي وقت نزولنا قربها يعني كان لها ظل أول النهار من غدوة إلى الزوال وهذا الظل ليس بفيء وهو أبرد وأطيب هواء، والفيء ظل ما بعد الزوال ورجوعه من المشرق إلى المغرب فيما كانت الشمس أصابت أرضه اهـ من الأبي. وقوله (فنزلنا عندها) أي قربها، معطوف على رُفعت لنا أي رُفعت لنا صخرة فنزلنا قربها (فأتيت) أنا وحدي تحت (الصخرة فسويت) أي صلحت (بيدي مكانًا ينام فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - في ظلها) بتسوية الرمل وإزالة ما ارتفع منه، والجار والمجرور في ظلها صفة ثانية لمكانًا (ثم بسطت) له (عليه) أي على ذلك المكان المسوّى (فروة) كانت عندنا، والفروة الجلد المدبوغ بلا إزالة شعر خفيف