التقدير فالله شاهدي لكما على أن أرد عنكما الطلب والحاصل أنه أقسم بالله أنه إن نجا عن هذه المصيبة فإنه لا يدل أحدًا على مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يرد عنه من يطلبه (فدعا الله) له رسول الله صلى الله عليه وسلم بنجاة فرسه (فنجى) سراقة مما أصابه من المصيبة في فرسه (فرجع) سراقة إلى الطلب وكان (لا يلقى أحدًا) من الطلب (إلا قال) لهم (قد كفيتكم) أي أغنيتكم عن الطلب في (ما ها هنا) أي في هذه الجهة فإني بحثت عنهما في هذا المكان فلا حاجة لكم إلى أن تبحثوا عنهما فيه مرة أخرى وذلك وفاء بوعده أنه يرد عنهما الطلب، قال أبو بكر (فـ) لما رجع (لا يلقى أحدًا) من الطلب (إلا رده، قال) أبو بكر الصديق رضي الله عنه (ووفى) بفتح الفاء المخففة أي ووفى (لنا) سراقة ما وعد لنا من رد الطلب عنا.
وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف رحمه الله تعالى عن أصحاب الأمهات ولكن شاركه أحمد في مسنده [١/ ٢]، وابن حبان في صحيحه [٩/ ١٠]، والبيهقي في دلائل النبوة [٢/ ٤٨٣]، وأبو نعيم في الدلائل [٢/ ٣٢٥].
وقد تقدم للمؤلف بعض أطراف هذا الحديث في كتاب الأشربة باب شرب اللبن وغيره.
"تتمة" سبب اتباع سراقة له صلى الله عليه وسلم على ما ذكره ابن إسحاق في السيرة قال: لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرًا جعلت قريش لمن يرده مائة ناقة، قال سراقة: فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا وقال: لقد رأيت ثلاثة مروا عليّ آنفًا وما أظنه إلا محمدًا وأصحابه، قال سراقة: فأومأت إليه أن اسكت، وقلت: إنما هم بنو فلان يتبعون ضآلة ثم قمت ودخلت بيتي، ثم أمرت بفرسي، فقُدّم إليّ وخرجت من دبر حجرتي، ثم أخذت قداحي فاستسهمت فخرج لي السهم الذي أكره ولا: يضر، ثم لبست لأمتي وخرجت رجاء أن أرده وآخذ المائة ناقة، فكان من أمره ما ذُكر في الحديث، وقال غير ابن إسحاق: وكان سراقة شاعرًا مجيدًا فقال يخاطب أبا جهل بن هشام بعد انصرافه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أبا حكم والله لو كنت شاهدًا ... لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه