قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) المحتمل للإرسال وبقوله (وقال ابن نمير: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) الدال على الاتصال لكثرة احتياطه وشدة إتقانه وحفظه، فبين أن أحد الراويين وهو: ابن نمير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا إشكال في اتصاله، وقال الآخر وهو وكيع: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الأكثر: هو متصل، وقيل: مرسل، ثم الأكثر أن مرسل الصحابي حجة، بخلاف مرسل غيره، وهذا الحديث مرسل ومتصل، وفي الاحتجاج بهذا النوع خلاف، والصحيح صحته تغليبًا للاتصال، وقيل: الحكم للإرسال، وقيل: للأكثر رواة، وقيل: للأحفظ منهم اهـ سنوسي.
وقد ترك القاضي والمازري الكلام عن حديث وكيع الحديث الأول في الباب، إما لخلو النسخة الأم منه أو للإرسال الواقع فيه، فإنه وإن كان الأكثر على أن مرسل الصحابي حجة، بخلاف مرسل غيره، فإن في الاحتجاج بهذا النوع خلافًا اهـ إكمال المعلم.
قال النووي: هذا وما أشبهه من الدقائق التي ينبه عليها الإمام مسلم رحمه الله تعالى، دلائل قاطعة على شدة تحريه، وإتقانه وضبطه وعرفانه، وغزارة علمه وحذقه، وبراعته في الغوص على المعاني، ودقائق علم الإسناد، وغير ذلك، والدقيقة في هذا أن ابن نمير، قال رواية عن ابن مسعود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا متصل لا شك فيه، وقال وكيع رواية عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا مما اختلف العلماء فيه، هل يُحمل على الاتصال، أم على الانقطاع.
فالجمهور أنه يُحمل على الاتصال كسمعتُ، وذهبت طائفة إلى أنه لا يُحمل على الاتصال إلا بدليل عليه، فإذا قيل بهذا المذهب كان مرسل صحابي، وفي الاحتجاج به خلاف، فالجماهير قالوا يُحتج به، وإن لم يُحتج بمرسل غيرهم، وذهب الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني الشافعي رحمه الله تعالى إلى أنه لا يُحتج به، فعلى هذا يكون الحديث قد رُوي متصلًا ومرسلًا، وفي الاحتجاج بما رُوي مرسلًا ومتصلًا خلاف معروف، قيل: الحكم للمرسل، وقيل: للأحفظ رواية، وقيل: للأكثر، والصحيح أنه