للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَقُولُ: "مَنْ مَاتَ يُشرِكُ بِاللهِ شَيئًا دَخَلَ النَّارَ". وَقُلْتُ أَنَا: وَمَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ

ــ

تُقدَّمُ رواية الوصل، فاحتاط مسلم رحمه الله تعالى، وذكر اللفظين، لهذه الفائدة، ولئلا يكون راويًا بالمعنى، فقد أجمعوا على أن الرواية باللفظ أولى، والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ.

حالة كون الرسول صلى الله عليه وسلم (يقول من مات) حالة كونه (يشرك بالله شيئًا) من المخلوق أو شيئًا من الإشراك جليًّا أو خفيًّا (دخل النار) الأخروية، دخولًا مؤبدًا خالدًا مخلدًا فيها، إن كان شركًا جليًّا، أو دخولًا مؤقتًا إن كان خفيًّا، قال ابن مسعود (وقلت أنا) بمفهوم المخالفة والضمير المنفصل مؤكد للضمير المتصل (ومن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة) قال القاضي عياض: يريد أنه لم يسمعه، وإنما قاله لأنه دليل القرآن، ومفهوم قوله "من مات مشركًا دخل النار" وأخذ بعضهم منه القول بدليل الخطاب، وهو أَخْذُ من لم يعرف دليل الخطاب، فإن دليل الخطاب إنما يفيد أنه لا يدخل النار، وابن مسعود لم يقل إنه يدخل الجنة من دليل الخطاب، بل من جهة أنه ليس ثم إلا جنة أو نار، فإذا انتفت إحداهما وجبت الأخرى.

قال الأبي: يُريد أن دليل الخطاب المسمى بمفهوم المخالفة، هو إثبات نقيض الحكم المنطوق للمسكوت عنه، والمسكوت من مات يؤمن بالله واليوم الآخر، ونقض الحكم المذكور الثابت له أن لا يدخل النار، وهو أعم من دخول الجنة، فابن مسعود لم يقل إنه يدخل الجنة بالمفهوم بل بواسطة ما ذكر، والمفهوم لا يتوقف على واسطة نحو في الغنم السائمة الزكاة، فمفهومه أن المعلوفة لا زكاة يها دون وقف على شيء، قال النووي: والأحسن أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم لثبوته في حديث جابر، لكنه نسيه حين التحديث، فنسبه إلى ما ذكر اهـ.

وعبارة المفهم هنا: وأما قول ابن مسعود (وقلت أنا ومن مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة) يعني بذلك أنه لم يسمع هذا اللفظ من النبي صلى الله عليه وسلم نصًّا، وإنما استنبطه استنباطًا من الشريعة، فإما من دليل خطاب قوله صلى الله عليه وسلم "من مات يشرك بالله شيئًا دخل النار" أو من ضرورة انحصار الجزاء في الجنة والنار، أو من غير ذلك، وبالجملة فهذا الذي لم يسمعه ابن مسعود من النبي صلى الله عليه وسلم هو

<<  <  ج: ص:  >  >>