للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَصَبَّحْنَا الْحُرُقَاتِ مِنْ جُهَينَةَ، فَأَدْرَكْتُ رَجُلًا. فَقَال: لا إِلهَ إِلا اللهُ. فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذلِكَ. فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: أَقَال: لا إِلهَ إِلا اللهُ وَقَتَلْتَهُ؟ قَال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّمَا قَالهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاحِ. قَال: أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالهَا أَمْ لَا

ــ

(فصبحنا) أي أتينا صباحًا (الحُرُقات) بضم الحاء لا غير، وبضم الراء وفتحها، والحرقات بصيغة جمع المؤنث السالم، اسم موضع (من) بلاد (جهينة) قال القرطبي: هو موضع معروف من بلاد جهينة، يُسمى بجمع المؤنث السالم كعرفات وأذرعات أي أتينا أهلها صباحًا، أي أول النهار، وقابلناهم وهزمناهم (فأدركت) أنا أي لحقت أنا (رجلًا) منهم بعد ما هرب (فـ) ـلما أدركته (قال) ذلك الرجل كلمة إلا إله إلا الله) مع عديلتها محمد رسول الله، قال الأبي: ذكر الزمخشري وغيره: أن الرجل هو مرداس بن نهيك من أهل فدك، أسلم ولم يُسلم قومه، فلما أدركوه في سرية كان أميرها غالب بن فضالة، فرَّ قومه وبقي مرداس لتثبته في إسلامه، فلما رأى الخيل لجأ إلى عاقول من الجبل، فلما تلاحقت به الخيل، نزل وكبر وتشهد الشهادتين، وقال السلام عليكم، فقتله أسامة، واستاق غنمه، فوجد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدًا شديدًا، وقال أقتلتموه، قال أسامة: استغفر لي، فقال: كيف تصنع بلا إله إلا الله، فقال أسامة: استغفر لي، وقال: أعتق اهـ.

قال أسامة (فطعنته) أي طعنت ذلك الرجل برمحي، وقتلته لظني أن الإسلام خوف السيف لا ينفع، كما لا ينفع عند الاحتضار، قال أسامة (فوقع) أي حصل (في نفسي) أي في قلبي هَمٌّ وندمٌ (من) قتل (ذلك) الرجل (فذكرته) أي فذكرت قتل ذلك الرجل (للنبي صلى الله عليه وسلم) مع بيان كيفية قتله (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقال) ذلك المقتول (لا إله إلا الله وقتلته) بعدما قالها (قال) أسامة (قلت يا رسول الله إنما قالها) أي إنما قال ذلك الرجل كلمة الشهادة (خوفًا من السلاح) والقتل، فليس إسلامه عن صدق وعزمِ، بل قالها وقاية لنفسه وتحصنًا لها، ولهذا التأويل سقط عنه القصاص (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم لأسامة (١) تركته قتيلًا مرميًا (فلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها) أي أقال قلب ذلك الرجل كلمة الشهادة صدقًا (أم لا) أي، أم لم يقلها صدقًا، بل تحصنًا وخوفًا من السلاح، أو المعنى حتى تعلم أقالها خوفًا من السلاح، أم

<<  <  ج: ص:  >  >>