للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلا يُزَكِّيهِمْ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَال: فَقَرَأَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مِرَارٍ. قَال أَبُو ذَرٍّ: خَابُوا وَخَسِرُوا، مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَال: الْمُسْبِلُ،

ــ

إليهم لا يرحمهم من إطلاق السبب وإرادة المسبب وإلَّا فالله سبحانه وتعالى يرى كل موجود (ولا يزكيهم) أي لا يطهرهم من ذنوبهم لعظم جرمهم، وقيل لا يثني عليهم ومن لا يثني عليه سبحانه يعذبه (ولهم) أي لأولئك الثلاثة (عذاب أليم) أي شديد الألم الموجع، أي لهم عذاب أليم مؤبد لا ينقطع على كفرهم إن استحلوا ذلك فلا إيمان لهم، أو عذاب شديد على جرمهم مجازاة عليه إن لم يستحلوا ذلك، فإيمانهم باق صحيح، فبهذا التَّأويلِ طابق الحديث التَّرجمة، ومعنى (عذاب اليم) مؤلم، قال الواحدي: هو العذاب الذي يخلص إلى قلوبهم وجعه، قال: والعذاب كل ما يعيي الإنسان ويشق عليه، قال: وأصل العذاب في كلام العرب من العذب وهو المنع، يقال: عَذَبْتُه عَذْبًا إذا منعته، وعَذَبَ عُذُوبًا أي امتنع، وسمي الماء عذبًا لأنه يمنع العطش فسمي العذاب عذابًا لأنه يمنع المعاقب من معاودة مثل جرمه ويمنع غيره من مثل فعله والله أعلم اهـ نووي.

(قال) أَبو ذرٍّ (فقرأها) أي قرأ هذه الآية يعني لا يكلمهم الله إلخ (رسول الله صلى الله عليه وسلم) وكررها (ثلاث مرار) أي ثلاث مرات تأكيدًا لشأن هؤلاء الثلاثة (قال أَبو ذرٍّ) قلت للنبي صلى الله عليه وسلم (خابوا) أي خاب هؤلاء الثلاثة وحرموا عن نيل المقاصد التي هي رضا الله تعالى وإحسانه ورحمته (وخسروا) في صفقتهم بطردهم عن رحمته تعالى واستحقاقهم لعذابه (من هم) أي من هؤلاء الثلاثة الذين لا يكلمهم الله تعالى ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم (يا رسول الله قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم (المسبل) أي المرخي إزاره الجار طرفه على الأرض خيلاء، أي كبرًا وعجبًا كما جاء في الحديث الآخر "لا ينظر الله إلى من يجر ثوبه بطرًا" وقد أخرجه أحمد في المسند عن ابن عمر بلفظ "لا ينظر الله عَزَّ وَجَلَّ إلى الذي يجر إزاره خيلاء" والخيلاء الكبر، والإزار ما يتحزم به، وكانت العرب لا تعرف السراويلات، وإنَّما تعرف الأزر، ذكر ابن عبد ربه: أن أعرابيًّا وجد سراويل، فأخرج يديه من ساقيه، وجعل يلتمس من أين يخرج رأسه فلم يجد فرمى به وقال: إنه لقميص شيطان، وخص الإزار لأنه أكثر لباس العرب، ويشهد لذلك قوله في الآخر "جر ثوبه" فعم جميع ما يلبس، فحكم الإزار والرداء

<<  <  ج: ص:  >  >>