والثوب في ذلك سواء، وقد روى أَبو داود من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"الإسبال في الإزار والقميص والعمامة فمن جر منها خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة".
رواه أَبو داود (٤٠٩٤) وفي طريق أخرى قال ابن عمر ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار "فهو في القميص" رواه أَبو داود (٤٠٩٥).
قال القرطبي رحمه الله تعالى: وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم الحد الأحسن والجائز في الإزار، الذي لا يجوز تعديه، فقال فيما رواه أَبو داود والنَّسائي من حديث أبي سعيد الخدري:"أُزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه لا جناح عليه فيما بينه وبين الكعبين وما أسفل ذلك ففي النار" رواه أَبو داود (٤٠٩٣) والنَّسائي في السنن الكبرى (٩٧١٥) والخيلاء: الكبر والعجب، ويدل هذا الحديث بمفهومه؛ على أن من جر ثوبه على غير وجه الخيلاء؛ لم يدخل في هذا الوعيد، ولما سمع أَبو بكر هذا الحديث "قال: يا رسول الله إن جانب إزاري يسترخي؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لست منهم يا أبا بكر) أخرجه البخاري من حديث ابن عمر رضي الله عنهما (٦٠٦٢) إذ كان جره إياه لغير الخيلاء، بل لأنه لا يثبت على عاتقه.
قال الأبي: وجر كل شيء بحسبه فجر السراويل والقميص إطالتهما لأسفل من الكعبين، وإطالة الكُمِّ، ففي العُتْبِيَّةِ رأى عمر رجلًا أطال كميه فقطعهما عليه على أطراف أصابعه.
والوعيد المرتب على الجر والخيلاء إنما هو على الجر بالفعل، لا على الجر بالإمكان.
فائدة: وأول من جر الثوب: قارون صاحب موسى بن عمران - عليه السلام - اهـ تفسير الحدائق نقلًا عن روح البيان.
(والمنان) فعال من المَنِّ، وهو من صيغ المبالغة، فلا يتناول الوعيد المذكور إلَّا من كثر منُّه وهو في ذلك كذلك بخلاف إبطاله الصدقة، وقد فسره في الحديث فقال: "هو الذي لا يُعطي شيئًا إلَّا مَنَّهُ" أي إلَّا امتن به على المُعطى له، ولا شك في أن الامتنان بالعطاء مبطل لأجر الصدقة والعطاء، مؤذٍ للمُعطى له، ولذلك قال تعالى {لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى}[البقرة: ٢٦٤].