(عن أبي صالح) السمان المدني (عن أبي هريرة) الدوسي المدني، وهذا السند من خماسياته، رجاله ثلاثة منهم كوفيون واثنان مدنيان.
فائدة: وقول الأعمَش في السند عن أبي صالح، مما يقدح في السند، لأن الأعمَش مدلس، والمدلس إذا قال عن لا يحتج به إلَّا إذا ثبت السماع من جهة أخرى، وقدمنا أن ما كان في الصحيحين عن المدلس بعن فمحمول على أنَّه ثبت السماع من جهة أخرى، وقد جاء هنا مبينًا في الطَّرِيق الآخر من رواية شعبة.
(قال) أَبو هريرة (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل نفسه بحديدة) أي بآلة قتلء سواء كانت من حديد، أو رصاص، أو نحاس، أو ذهب، أو فضة مثلًا كسيف، أو رمح وخنجر (فحديدته) التي قتل بها نفسه في الدنيا تكون (في يده) يوم القيامة، فضيحة له على عمله حالة كونه (يتوجأ) ويطعن (بها) أي بتلك الحديدة (في بطنه) جزاءً له بجنس عمله (في نار جهنم) أي في نارٍ تُسمى بجهنم، ومعنى يتوجأ: يطعن، وهو مهموز من قولهم وجاته بالسكين أجاه أي ضربته، ووَجيءٌ هو فهو موجوء ومصدره وَجئًا مقصورًا ومهموزًا، فأما الوِجاء بكسر الواو والمد فهو رَضٌّ الأنثيين، وهو ضرب من الخصاء، حالة كونه (خالدًا) فيها أي ماكثًا في نار جهنم مكثًا طويلًا، أي مستحقًا الخلود والمكث الطويل فيها لجريمته (مخلدًا فيها) أي محكومًا عليه من جهة الله تعالى بالخلود والدوام فيها (أبدًا) أي أزمنة طويلة أو أزمنة لا نهاية لها، وقيل: مخلدًا وأبدًا بعد خالدًا من التأكيد اللفظي بمرادفه لأن صيغتهما مختلفتان.
قال القرطبي: ظاهر قوله (خالدًا مخلدًا فيها أبدًا) التخليد الذي لا انقطاع له بوجه، وهو محمول على من كان مستحلًا لذلك، ومن كان معتقدًا لذلك كان كافرًا فلا إيمان له، وأما من قتل نفسه وهو غير مستحل، فهو عاص ليس بكافر فإيمانه صحيح فيجوز أن يعفو الله عنه كما سيأتي في الذي قطع براجمه فمات، والبراجم العُقد التي في ظهور الأصابع، ويجوز أن يراد بقوله (خالدًا مخلدًا فيها أبدًا) تطويل الآماد، فيكون المراد بالخلود في النار خروجه منها آخر من يخرج من أهل التوحيد، ويجري هذا