مجرى المثل، فتقول العرب: خلد الله ملكك، وأبد أيامك، ولا أكلمك أبد الآبدين، ولا دهر الداهرين، وهو ينوي أن يكلمه بعد أزمان، ويجري هذا مجرى الإعياء في الكلام اهـ.
قال القاضي: يُحمل الخلود على المستحل لخروجه عن الملة، أو يحمل الخلود على طول الإقامة لا الأبد، قال الأبي: وقد يكون هذا كناية عن كون عقوبته أشد من عقوبة قتله أجنبيًّا لأنه أوقع الذنب مع وجود الصارف، كزنا الشيخ، وكذب الملك، والصارف هنا حب الإنسان نفسه بالجبلة، ثم ينبغي تقيده بغير من قتل نفسه لظنه أن العدو يقتله، قال وفي الجهاد إذا خرق العدو سفينة للمسلمين جاز لهم طرح أنفسهم، لأنهم فروا من موت إلى موت، ولم يرَ ذلك ربيعة إلا لمن طمع بنجاة، فلا يقتل نفسه، وليصبر لأمر الله تعالى، وكان الشيخ ابن عرفة يُجوِّز لمن قطعت يده ظلمًا ترك المداواة حتى يموت، وإثمه على قاطعه، والظالم أحق أن يُحمل عليه، قال القاضي: وفي الحديث دليل لمالك ومن وافقه على أن القصاص من القاتل يكون بما قتل به محددًا كان أو غير محدد، اقتداءً بعقاب الله تعالى لقاتل نفسه في الآخرة، وبحكم النبي صلى الله عليه وسلم في اليهودي الذي رض رأس الجارية بين حجرين، فأمر برض رأسه بين حجرين، وبحكمه في العرنيين، ولأن العقوبات والحدود وضعت للزجر ومقابلة الفعل بالفعل والتغليظ على أهل الاعتداء والشرِّ اهـ.
قال الأبي: لا يحتج به في المسألة، لأنه قياس على فعل الله تعالى، ولا يصح لأن أفعاله سبحانه غير معللة، وإنما القياس على أحكامه اهـ.
وخالف أبو حنيفة مالكًا لقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه ابن ماجه والدارقطني والبيهقي:"لا قود إلا بالسيف" وذهب الطحاوي إلى أن ما احتج به مالك منسوخ بنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن المثلة، وصبر البهائم، وأجيب عنه بأن النهي عن المثلة والصبر إنما وقع إذا لم يكن المثلة والصبر على وجه شرعي وأما إذا كان على وجه شرعي فلا، فقطع اليد مثلة واجبة في حد السرقة، وقطع الأنف والأذن وقلع السن وكسره واجب في القصاص مع أن الكل مثلة اهـ إعلاء السنن (ومن شرب سمًا) قال القرطبي: والسم القاتل للحيوان، يقال: بضم السين وفتحها، فأما السُّم الذي هو ثقب الإبرة فالبضم لا غير اهـ.