الصبر ثلاثة أشياء: الحبس والإكراه والجراءة، كما قال تعالى:{فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ}[البقرة: ١٧٥]. أي ما أجرأهم عليها، والرواية "في يمين صبر" بالتنوين على أن صبرًا صفة ليمين أي: ذات صبر وإكراه وحبس وجرأة، ووصفت اليمين بأنها ذات صبر لأنها تحبس الحالف لها، أو لأن الحالف يجترئ عليها وذكر الصبر وقد أجراه صفة على اليمين وهي مؤنثة لأنه قصد قصد المصدر اهـ مفهم.
فوصف اليمين بالصبر يصح على كل من المعاني الثلاثة لأنها هي التي يصبر صاحبها، أي يحبس لأجلها ويكره عليها، حتى يحلفها ويجترئ على حلفها، ويستفاد من هذا الحديث: أن الإيمان كلها التي تقتطع بها الحقوق على نية الطالب فلا تنفع فيها المعاريض والتورية، وإنما هي على نية صاحب الحق المحلوف له لا نية الحالف. قال القاضي أبو الوليد سليمان بن خلف التجيبي: وهذا مما لا يختلف فيه أنه آثم فاجر في يمينه متى اقتطع بها حق مسلم، واختلف فيما إذا حلف لغيره متبرعًا متطوعًا أو مستحلفًا أو مكرهًا فقيل: ذلك كله على نية المحلوف له، وقيل على نية الحالف، وقيل: للمتطوع نيته بخلاف المستحلف، وقيل بعكسه، وكل هذه الأقوال في مذهبنا أعني المالكية اهـ إكمال المُعْلِم.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث ثابت بن الضحاك رضي الله تعالى عنه فقال:
(٢٠٨) - (٠٠)(٠٠)(حدثنا إسحاق بن إبراهيم) بن راهويه الحنظلي، أبو يعقوب المروزي ثقة حافظ من العاشرة مات سنة (٢٣٨) روى عنه المؤلف في أحد وعشرين بابًا تقريبًا.
(وإسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج، أبو يعقوب التميمي المروزي، ثقة ثبت من الحادية عشرة، مات سنة (٢٥١) روى عنه المؤلف في سبعة عشر بابًا تقريبًا (وعبد الوارث بن عبد الصمد) بن عبد الوارث بن سعيد التميمي العنبري، أبو عبيدة البصري، حفيد عبد الوارث بن سعيد، صدوق من الحادية عشرة، مات سنة (٢٥٢) روى عن أبيه في الإيمان والوضوء والصوم وغيرها، وأبي خالد الأحمر، ويروي عنه (م ت س ق) وابن خزيمة وأبو عروبة وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه.