وعبارة المفهم هنا قوله (لا يدع لهم شاذة ولا فاذة) الشاذ الخارج عن الجماعة، والفاذ المنفرد وأنث الكلمتين على جهة المبالغة كما قالوا علامة ونسابة، وفيه من الفقه ما يدل على جواز الإغياء -هو بلوغ الغاية في الأمر- في الكلام والمبالغة فيه؛ إذا احتيج إليه، ولم يكن ذلك تعمقًا ولا تشدقًا اهـ.
(إلا اتبعها) أي إلّا اتبع تلك الشاذة ولحقها حالة كونه (يضربها بسيفه) فيقتله (فقالوا) أي قال المسلمون بعضهم لبعض (ما أجزأ) ولا دفع (منا) الأعداء (اليوم) أي في هذا اليوم (أحد) من المسلمين (كما أجزأ) أي مثل ما أجزأ ودفع منا (فلان) يريدون ذلك الرجل الذي لا يدع شاذة ولا فاذة، قيل: هو قزمان كما في القرطبي، وقال النواوي: وهذا الرجل الذي لا يدع شاذة ولا فاذة اسمه قزمان قاله الخطيب البغدادي، قال: وكان من المنافقين، وقال الأبي: إن صح نفاقه فمن خارج لا من الحديث، والسياق يدل على أنه ليس الرجل الأول، وفي المفهم (قوله ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلانٌ) كذا صحت روايتنا فيه رباعيًّا مهموزًا، ومعناه ما أغنى ولا كفى، وفي الصحاح أجزأني الشيء كفاني، وجزى عني هذا الأمر أي قضى، ومنه قوله تعالى {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيئًا}[البقرة: ٤٨] أي لا تقضي، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لأبي بردة "تجزي عنك ولا تجزي عن أحد بعدك" رواه أحمد (٤/ ٣٠٢) قال: وبنو تميم يقولون: أجزأتْ عنك شاة بالهمز، وقال أبو عبيد جزأت بالشيء وأجزأت أي اكتفيت به وأنشد:
فإن اللؤم في الأقوام عارٌ ... وإن المرء يُجزأ بالكراع
وقال النواوي: قوله (ما أجزأ منا اليوم أحدٌ) إلخ أجزأ مهموز معناه ما أغنى وكفى أحد غناءه وكفايته اهـ.
وقال القاضي: بالهمز أي ما كفى كفايته، وما أغنى غناءه، وقال الخليل: والعرب تقول جزأت الإبل بالرطب عن الماء، أي اكتفت به عنه، وهو بدون همز بمعنى القضاء، يقال: جزى عني أي قضى ومنه قولهم: جزاه الله خيرًا، أي قضاه، ويكون أيضًا بمعنى الكفاية، قال الخليل يقال: جزيت عن كذا اكتفيت عنه، وجزيته كافيته.
قال الأبي:(فإن قلتَ) قولهم ما أجزأ أحدٌ شهادةٌ له فيعارض حديث أنتم