شهداء الله في أرضه فمن أثنيتم عليه خيرًا فهو من أهل الجنة (قلتُ) حديث أنتم خرج مخرج الغالب، وقد يتفق في بعض أن لا يكون كذلك، كهذا الرجل، قال السنوسي لا يحتاج إلى ذلك لأن حديث أنتم شهداء الله إنما ورد فيما يُعرف به حال الإنسان في الآخرة، فتكون هذه الشهادة بعد الموت، إذ المعتبر من الأعمال نفسها فلا تدل على حاله في الآخرة لعدم تحقق البقاء على الحالين إلى الموت، والمعتبر من العمل كما سبق خاتمته نسأله سبحانه حسن الخاتمة بفضله (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ردًّا عليهم لما قالوه وظنوه كلا (أما) أي انتبهوا واسمعوا ما أقول لكم (إنه) أي إن ذلك الرجل الذي أثنيتم عليه (من أهل النار) خالدًا مخلدًا فيها لأنه منافقٌ مُراءٍ لا موحد مخلص، وفي رواية زيادة "فأعظم الناس ذلك" أي عظموه وكبُر عليهم، وإنما أعظموه لأنهم نظروا إلى صورة حاله، ولم يعرفوا الباطن والمآل فأعلم العليم الخبير البشير النذير بمُغيب الأمر وعاقبته، وكان ذلك من أدلة صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحة رسالته، ففيه التنبيه على ترك الاعتماد على الأعمال، والتعويل على فضل ذي العزة والجلال جل وعلا (فقال رجل من القوم) أي من المسلمين الذين سمعوا مقالة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك الرجل (أنا صاحبه) وملازمه حيثما كان (أبدًا) أي في جميع الأزمنة المستقبلة، حتى أعرف حاله.
قال النواوي (أنا صاحبه) كذا في الأصول، ومعناه أنا أصحبه في خفية وألازمه لأنظر وأعلم السبب الذي به يصير من أهل النار، فإن فعله في الظاهر جميل، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أهل النار، فلا بد له من سبب عجيب في سوء خاتمته لصدق خبره صلى الله عليه وسلم.
قال القرطبي: وفعل ذلك الرجل ملازمته ليزداد يقينًا، ولذلك كرر الشهادة.
(قال) سهل بن سعد الراوي (فخرج) ذلك الرجل الذي أراد ملازمته للبحث عن حاله (معه) أي مع ذلك الرجل الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه إنه من أهل النار، ولازمه ليلًا ونهارًا (كلما وقف) ذلك الرجل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم إنه من أهل النار (وقف) ذلك الملازم (معه) أي مع ذلك الذي قال فيه إنه من أهل