أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُولَ الله، هَلْ لَكَ فِي حِصْنٍ حَصِينٍ وَمَنَعَةٍ؟ (قَال: حِصْنٌ كَانَ لِدَوسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ) فَأَبى ذلِكَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ، لِلَّذِي ذَخَرَ الله لِلأَنْصارِ، فَلَمَّا هَاجَرَ النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ، هَاجَرَ إِلَيهِ الطُّفَيلُ بْنُ عَمْروٍ،
ــ
اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب، وذكر المدائني عن أبي معشر أنه استشهد يوم اليمامة اهـ استيعاب.
(أتى النبي صلى الله عليه وسلم) وجاءه وهو صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وذلك أن الطفيل بن عمرو لما قدم مكة ذكر له ناس من قريش أمر النبي صلى الله عليه وسلم وسألوه أن يختبر حاله، فأتاه فأنشده من شعره، فتلا النبي صلى الله عليه وسلم الإخلاص والمعوذتين، فأسلم في الحال وعاد إلى قومه، فدعا أبويه إلى الإسلام فأسلم أبوه ولم تسلم أمه، ودعا قومه فأجابه أبو هريرة وحده، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم (فقال: يا رسول الله هل لك) رغبة في أن تكون (في حصن) أي في قصر (حصين) أي شديد الحِصن والحفظ لمن فيه عن أعدائه (و) في أن تكون في (منعة) أي في عزة وقوة وامتناع من أعدائك (قال) الراوي أعني جابرًا هو أي الحصن الذي دعا طفيل النبي صلى الله عليه وسلم إليه (حصن) أي قصر وقلعة (كان لدوس في الجاهلية) أي قبل الإسلام (فأبى) وامتنع (ذلك) أي المهاجرة إلى ذلك الحصن والمنعة (النبي صلى الله عليه وسلم) على الطفيل (للذي) أي لأجل أداء النصيب الذي (ذخر الله) سبحانه وتعالى وادخره وكتبه في سابق علمه (للأنصار) من مهاجرة النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، وقوله (هل لك في حصن) الحصن واحد الحصون وهي القصور والقلاع لكي يتحصن ويتحفظ فيها عن أعدائه (وحصين) على وزن فعيل للمبالغة أي شديد الحصن والحفظ لمن فيه عن أعدائه (ومنعة) بفتح النون وإسكانها ذكرهما ابن السكيت والجوهري وغيرهما، والفتح أفصح وهي العز والامتناع عمن يريده من أعدائه، وقيل المنعة بالتحريك جمع مانع كظالم وظلمة، وكافر وكفرة، أي وأن تكون في جماعة يمنعونك ويحفظونك ممن يقصدك بمكروه وضرار، ويقال فلان في منعة أي في عز وعشيرة يمنعونه.
(فلما هاجر) وانتقل (النبي صلى الله عليه وسلم) من مكة (إلى المدينة هاجر) وارتحل (إليه) صلى الله عليه وسلم (الطفيل بن عمرو) من أرضه بلاد دوس إلى المدينة