للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ليديه فالفاء زائدة لتحسين الخط، والواو عاطفة لمحذوف على اغفر، ويحتمل أن تكون الحرفان زائدتين، والجار والمجرور متعلق باغفر، والمعنى اللهم اغفر ذنب جناية قطعه ليديه.

وفي المفهم (قوله غفر لي بهجرتي إلى نبيه) دليل على أن الكبائر قد تغفر بفعل القواعد وفيه نظر سيأتي في الطهارة إن شاء الله تعالى، وقوله (لن نصلح منك ما أفسدت) دليل على أن المغفرة قد لا تتناول محل الجناية فيحصل منه توزيع العقاب على المعاقب، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم "اللهم وليديه فاغفر" والظاهر أن هذا الرجل أدركته بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فغفر له وليديه، وكمل له ما بقي من المغفرة عليه، وعلى هذا فيكون قوله "لن نصلح منك ما أفسدت" ممتدًا إلى غاية دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له فكأنه قيل له لن نصلح منك ما أفسدته ما لم يدع لك النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث يقتضي أن قاتل نفسه ليس بكافر، وأنه لا يخلد في النار إن لم يستحل، وهو موافق لمقتضى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، وهذا الرجل ممن شاء الله أن يغفر له، لأنه إنما أتى بما دون الشرك، وهذا بخلاف القاتل نفسه المذكور في حديث جندب فإنه ممن شاء الله أن يعذبه اهـ منه.

قال القاضي: وفي هذا الحديث حجة لنا في جواز العفو، وعلى المعتزلة في قولهم: بتخليد العاصي، وعلى الخوارج في تكفيرهم بالذنوب، وعلى المرجئة في قولهم لا يضر مع الإيمان شيء.

قال الأبي: لا يقال كيف يحتج به لجواز المغفرة، وهو قد عوقب في يده، لأن عدم العفو عند القائل به موجب لدخول النار، وهذا لم يدخلها اهـ.

قال النواوي: وهذا الحديث حجة لقاعدة عظيمة لأهل السنة، أن من قتل نفسه أو ارتكب معصية غيرها ومات من غير توبة فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار، بل هو في حكم المشيئة، وشرحٌ للأحاديث التي قبله، المُوهم ظاهرها تخليد قاتل النفس وغيره من

<<  <  ج: ص:  >  >>