بالله وبرسوله ({لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ})[الحجرات: ٢] صلى الله عليه وسلم ( ... إلى آخر الآية جلس ثابت بن قيس) بن شماس بمعجمة وميم مشددة مفتوحتين، وآخره سين مهملة الأنصاري الخزرجي، خطيب الأنصار، من كبار الصحابة، بشره النبي صلى الله عليه وسلم بالجنة، شهد يوم اليمامة، واستشهد بها، أي جلس (في بيته) وترك الخروج إلى المسجد للصلاة (وقال) ثابت لمن سأله عن السبب في عدم خروجه (أنا من أهل النار) لأني أسأت الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان جهير الصوت، فلذلك اشتد خوفه أكثر من غيره، حتى أمنه النبي صلى الله عليه وسلم وسكن روعه (واحتبس) أي جلس في بيته وانقطع (عن) الخروج إلى (النبي صلى الله عليه وسلم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ) بن النعمان الأنصاري الأشهلي، أبا عمرو سيد الأوس، شهد بدرًا واستشهد من سهم أصابه يوم الخندق، ومناقبه كثيرة، أي سأل النبي صلى الله عليه وسلم سعد بن معاذ عن حال ثابت بن قيس، هل هو مريض أم لا؟ ولم ترك الحضور في المسجد، لكون سعدٍ جِيرَانَهُ (فقال) النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن معاذ في سؤاله عن ثابت (يا أبا عمرو) كنية سعد بن معاذ كما مر آنفًا (ما شأن ثابت) بن قيس وحاله (أشتكى) أي هل اشتكى ومرض فترك الخروج إلى المسجد لعذر المرض أم هو صحيح، فالهمزة للاستفهام الاستخباري، واشتكى فعل ماض على وزن افتعل من الشكوى الذي هو المرض، وهمزة الوصل ساقطة نظير قوله تعالى {أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ}.
قال الأبي: لم يحتبس ولا خشي أنه من أهل النار لرفع صوته فيما تقدم لعدم النهي حينئذ، ولكن لكونه جهير الصوت، وأنه إذا حضر لا بد أن يتكلم، وقد نزلت الآية فخاف واحتاط وإن كان لما سبق فإنما ذلك لغلبة الخوف، وليست الشهادة له بالجنة بالتي تبيح له رفع الصوت ولكن فيها الدلالة على حفظه مما يخاف، وتيسيره لعمل أهل الجنة اهـ.
(قال سعد) بن معاذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه) أي إن ثابت بن قيس