(لجاري) أي منزله ملاصق لمنزلي (وما علمت له بشكوى) أي ما عرفت بشكوى ولا مرض حاصل له ولا سمعته، ولو كان مريضًا لسمعت مرضه (قال) أنس بن مالك راوي الحديث (فأتاه) أي فأتى ثابت بن قيس سعد بن معاذ وجاءه (فذكر) سعد (له) أي لثابت (قول رسول الله صلى الله عليه وسلم) وسؤاله عنه (فقال ثابت) لسعد بن معاذ (أُنزلت هذه الآية) يعني {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ} بالنهي عن رفع الأصوات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولقد علمتم) فيما بينكم (أني من أرفعكم صوتًا) أي من أكثركم رفعًا للصوت (على رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأنا من أهل النار) لحبوط عملي برفع الصوت عند الرسول صلى الله عليه وسلم (فذكر ذلك) الذي قاله ثابت بن قيس (سعد) بن معاذ اللنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لسعد كلا كلا (بل هو) أي ثابت بن قيس (من أهل الجنة) فشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة.
وثابت هذا هو: ثابت بن قيس بن شماس بن زهير بن مالك بن امرئ القيس الأنصاري الخزرجي، خطيب الأنصار، كان من نجباء الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين، كان جهير الصوت خطيبًا بليغًا وهو الذي خطب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مقدمه المدينة فقال: نمنعك مما نمنع منه أنفسنا وأولادنا فما لنا؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الجنة" فقالوا رضينا. أخرجه الحاكم في المستدرك (٣/ ٢٣٤) وصححه ووافقه الذهبي.
وهذا الحديث أعني حديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه في ثابت بن قيس رضي الله تعالى عنه مما انفرد به الإمام مسلم عن غيره.
تنبيه: وفي ذكر سعد بن معاذ في هذا السند وعدم ذكره في الأسانيد الآتية نظرٌ، قال الحافظ ابن كثير: والصحيح أن حال نزول هذه الآية لم يكن سعد بن معاذ موجودًا