الأولى منها أنه (لقد رأيتُني) أي والله لقد رأيت نفسي (و) الحال أنه (ما أحد) من الناس (أشد بغضًا) ومقتًا الرسول الله صلى الله عليه وسلم مني ولا) أحد (أحب إليَّ أن كون قد استمكنت) أي تمكنت (منه) أي من قتله (فقتلته) أي قتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة بغضي إياه (فلو مت) أنا (على تلك الحال) والضلالة الكنت من أهل النار) وأهل العذاب المخلدين فيها أبدًا، فهذه هي الحالة الأولى من الأطباق الثلاث، والثانية ما ذكره بقوله (فلما جعل الله) سبحانه وتعالى (الإسلام) والإيمان (في قلبي) وألقاه في روعي (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم) وجئته (فقلت) له صلى الله عليه وسلم (ابسط يمينك) ومُدها إلي (فلأبايعك) بجزم الفعل على أن اللام لام الأمر وإسكانها لوقوعها بعد الفاء، والفاء لازمة على أن اللام للأمر واقعة في جواب شرط مقدر تضمنه الأمر الذي هو (ابسط)، لأن أمر المتكلم نفسه إنما يكون باللام، ومنه حديث "قوموا فلأصل لكم" والتقدير هنا إن بسطت إلي يمينك أبايعك، كما يكون أمر الغائب باللام نحو قوله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} ويصح أن تكون اللام لام كي، وتكون تعليلية، وينصب أبايعك بان مضمرة بعد اللام جوازًا، والتقدير ابسط يمينك إليَّ لكي أبايعك على الإسلام، وتقدم بيان معنى المبايعة في حديث جابر رضي الله عنه (فبسط) أي مد رسول الله صلى الله عليه وسلم (يمينه) إليَّ ليبايعني على الإسلام (قال) عمرو بن العاص (فـ) ـلما بسط يمينه إلي (قبضت) أي: أمسكت (يدي) عن بسطها إليه فـ (ـقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما لك) أي أيُّ شيء ثبت لك، أي أيُّ مانع منعك من بسط يدك إلي (يا عمرو) بعد ما بسطتُ يدي إليك (قال) عمرو (قلت) له صلى الله عليه وسلم (أردت) وقصدت (أن أشترط) عليك شيئًا من الشروط قبل المبايعة (قال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (تشترط بماذا) أي بأي شيء تريد أن تشترطه عليَّ يا عمرو.
قال النواوي: ضبطناه (بماذا) بإثبات الباء، فيجوز أن تكون زائدة للتوكيد كما في