نظائرها ويجوز أن تكون دخلت على معنى تشترط وهو تحتاط، أي تحتاط بماذا اهـ. قال الأبي: قلت زيادتها في خبر ما وليس وفاعل كفى ومفعوله وأفعل به ضرورة عند البصريين، فالتضمين أقرب، وإن كان فيه خلاف بين الأندلسيين، وعلى أنها زائدة فما مفعوله وصح ذلك لأن الاستفهام إذا قصد به الاستثبات صح أن يعمل فيه ما قبله اهـ.
قال عمرو (قلت) له صلى الله عليه وسلم أريد أن أشترط على ربي (أن يغفر لي) بالبناء للمفعول، أي أن يغفر لي ربي جميع ما وقع مني من الشرك والمعاصي صغائرها وكبائرها فـ (ـقال) لي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أما علمت) يا عمرو أي ألم تعلم يا عمرو (أن الإسلام) والإيمان (يهدم) ويسقط عن صاحبه (ما كان قبله) أي قبل الإسلام، أي يُسقط عنه جميع ما كان عليه من الحقوق مطلقًا، وجميع ما ارتكبه من الذنوب صغائرها وكبائرها (و) أما علمت (أن الهجرة) إلى الله تعالى وإلى رسوله لطلب رضاهما (تهدم) أي تذهب وتزيل وتمحو وتسقط (ما كان قبلها) من الذنوب والمعاصي مطلقًا (وأن الحج) المبرور (يهدم) أي يمحو ويزيل ويسقط (ما كان قبله) أي قبل الحج من الذنوب مطلقًا، وهذا موضع الترجمة من الحديث.
قال القرطبي: وفي الهدم هنا استعارة وتوسع، لأن المراد به الإذهاب والإزالة لأن الجدار إذا انهدم فقد زال وضعه، وذهب وجوده، وقد عبر عنه في الرواية الأخرى بالجبِّ فقال: "يَجُبُّ" أي يقطع ومنه المجبوب وهو المقطوع ذكره، ومعنى العبارتين واحد، ومقصودها أن هذه الأعمال الثلاثة تسقط الذنوب التي تقدمتها كلها صغيرها وكبيرها فإن ألفاظها عامة خرجت على سؤال خاص، فإن عمرًا إنما سأل أن يغفر له ذنوبه السابقة بالإسلام فأجيب على ذلك، فالذنوب داخلة في تلك الألفاظ العامة قطعًا، وهي بحكم عمومها صالحة لتناول الحقوق الشرعية والحقوق الآدمية، وقد ثبت ذلك في حق الكافر الحربي إذا أسلم فإنه لا يطالب بشيء من تلك الحقوق، ولو قتل وأخذ الأموال لم يقتص منه بالإجماع، ولو خرجت الأموال من تحت يده لم يطالب بشيء منها، ولو أسلم الحربي وبيده مال مسلم عبيد أو عروض فمذهب مالك أنه لا يجب عليه رد شيء من ذلك تمسكًا بعموم هذا الحديث، وبأن للكفار شبه ملك فيما حازوه من