أموال المسلمين وغيرهم، لأن الله تعالى قد نسب لهم أموالًا وأولادًا فقال تعالى {فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ}[التوبة: ٥٥].
وذهب الشافعي إلى أن ذلك لا يحل لهم، وأنه يجب عليهم ردها إلى من كان يملكها من المسلمين، وأنهم كالغُصَّاب، وهذا يُبعده أنهم لو استهلكوا ذلك في حالة كفرهم ثم أسلموا لم يضمنوا بالإجماع على ما حكاه أبو محمد عبد الوهاب بن محمد الفامي الشافعي، فأما أسرى المسلمين الأحرار فيجب عليهم رفع أيديهم عنهم، لأن الحر لا يُملك، فهذا حكم الحربي، وأما من أسلم من أهل الذمة فلا يُسقط الإسلام عنه حقًّا وجب عليه لأحدٍ من مال أو دم أو غيرهما، لأن أحكام الإسلام جارية عليهم واستيفاء الفروع في كتب الفقه، وأما الهجرة والحج فلا خلاف في أنهما لا يُسقطان إلا الذنوب والآثام السابقة، وهل يُسقطان الكبائر أو الصغائر فقط موضع نظر يأتي في الطهارة إن شاء الله تعالى، قال الأبي:(قلت) الأظهر هدمهما ذلك، وإلا لم يكن لذكرهما مزية، لأن الوضوء يهدم الصغائر، ويشهد لذلك قوله صلى الله عليه وسلم:"الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" وحديث "من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه".
(وما كان) أي ثم ما كان (أحد) من الناس (أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا) أحد (أجل) أي أعظم قدرًا وأهيب (في عيني منه) صلى الله عليه وسلم (وما كنت أطيق) وأقدر (أن أملأ عيني) بتشديد الياء لأنه من التثنية (منه) أي من نظره صلى الله عليه وسلم في حال حياته (اجلالًا) وهيبة وتعظيمًا (له) صلى الله عليه وسلم قال القاضي: وفي هذا إشارة إلى ما كانوا عليه من تعظيمه صلى الله عليه وسلم كما أُمروا به في قوله تعالى: {وَتُعَزِّرُوُهُ} الآية (ولو سئلت) الآن بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وطُلب مني (أن أصفه) صلى الله عليه وسلم أي أن أذكر أوصافه لأحد (ما أطقت) ولا قدرت على ذلك، وذلك (لأني لم أكن أملأ عيني منه) بتشديد الياء أيضًا لأنه من التثنية، أي من نظره صلى الله عليه وسلم في حال حياته هيبة منه (ولو) كنت (مِتُّ على تلك الحال) التي هي توقيره صلى الله عليه وسلم وتعظيمه ومحبته (لرجوت) من الله