إحسان ظنه بالله سبحانه وتعالى، وذكر آيات الرجاء، وأحاديث العفو عنده، وتبشيره بما أعده الله تعالى للمسلمين، وذكر حسن أعماله عنده؛ ليحسن ظنه بالله تعالى، ويموت عليه، وهذا الأدب مستحب بالاتفاق، وموضع الدلالة له من هذا الحديث قول ابن عمرو لأبيه: أما بشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا، وفيه ما كانت الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من توقير رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلاله وفي قوله (فلا تصحبني نائحة ولا نار) امتثال لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقد كره العلماء ذلك فأما النياحة فحرام، وأما إتباع الميت بالنار فمكروه للحديث، ثم قيل سبب الكراهة كونه من شعار الجاهلية كما مر عن القرطبي.
وقوله (ثم أقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور) إلخ فيه فوائد منها: إثبات فتنة القبر وسؤال الملكين، وهو مذهب أهل الحق، ومنها استحباب المكث عند القبر بعد الدفن لحظة نحو ما ذكر، وفيه أن الميت يسمع حينئذ مَنْ حول القبر، وقد يستدل به لجواز قسمة اللحم المشترك ونحوه من الأشياء الرطبة كالعنب، وفي هذا خلاف لأصحابنا معروف، قالوا: إن قلنا بأحد القولين إن القسمة تمييز حق ليست ببيع جاز، وإن قلنا بيع فوجهان أصحهما لا يجوز للجهل بتماثله في حال الكمال فيؤدي إلى الربا، والثاني يجوز لتساويهما في الحال.
فإذا قلنا لا يجوز فطريقها أن يُجعل اللحم وشبهه قسمين ثم يبيع أحدهما صاحبه نصيبه من أحد القسمين بدرهم مثلًا ثم يبيع الآخر نصيبه من القسم الآخر لصاحبه بذلك الدرهم الذي له عليه فيحصل لكل واحد منهما قسم بكماله، ولها طرق غير هذا لا حاجة إلى الإطالة بها هنا والله أعلم اهـ من المنهاج.
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث عمرو بن العاص بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم فقال:
(٢٢٦) - ش (١١٧)(٤٠)(حدثني محمد بن حاتم بن ميمون) السمين، أبو عبد الله البغدادي وثقه ابن عدي والدارقطني وابن حبان، وقال في التقريب: صدوق ربما وهم من العاشرة، مات سنة (٢٣٥) خمس وثلاثين ومائتين، روى عنه المؤلف في أحد عشر بابًا تقريبًا (و) حدثنا أيضًا (إبراهيم بن دينار) البغدادي أبو إسحاق التمار ثقة ثبت من