للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (٦٨)} [الفرقان: ٦٨]

ــ

يَزْنُونَ}) أي لا يطئون فروجًا محرمة ({وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ}) المذكور من الشرك والقتل والزنا ({يَلْقَ}) أي يجد عند الله سبحانه وتعالى ({أَثَامًا}) أي عقوبة على ما اقترفه من ذلك {يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} {إلا مَنْ تَابَ} ورجع عن ذلك المذكور {وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا} من الإيمان والطاعات {فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا} [الفرقان: ٦٨ - ٧١] وهذا الاستثناء محل الاستشهاد من الآية.

قال النواوي رحمه الله تعالى: غرض الإمام بذكر حديث ابن عباس الاستشهاد لحديث عمرو بن العاص على أن جَبَّ الإسلام لما قبله جاء به القرآن كما جاءت به السنة.

قال الأبي: لم يتكلم على هذا الحديث الشارحون بأكثر من هذا ويظهر من الحديث أنهم كانوا كفارًا وهو نَصٌّ في غير مسلم، قال ابن عباس لما نزل قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ} إلى {مُهَانًا} قال ناسٌ من المشركين كيف لنا بالدخول في الإسلام، وقد فعلنا جميع هذا فنزل قوله تعالى: {إلا مَنْ تَابَ} وهذا نص في أنهم كفار واستحسانهم لا يثبت به إسلامهم نعم يدل على قربهم منه، ولم يكونوا عالمين بأن الإسلام يجب ما قبله ولذا سألوا.

واختلف في الاستثناء المذكور فقيل يرجع إلى الجميع فانتزع من الآية صحة توبة القاتل، وقيل يرجع إلى الشرك والزنا فلا تنتزع، وقال ابن عباس: إنما يرجع إلى الشرك، ومستند كل قائل قرائن، وفي هذا الأصل في أصول الفقه خلاف وهي مسألة الاستثناء المتعقب جملًا معطوفة بالواو هل يرجع إلى الجميع أو إلى الأخيرة وقيل بالوقف، وهذا الخلاف إنما هو عند عدم القرائن اهـ.

قوله ({وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ}) وذا إشارة إلى واحد في أصل وضعها غير أن الواحد تارة يكون واحدًا بالنص عليه، وتارة يكون بتأويل، وإن كانت أمور متعددة في اللفظ كما في هذه الآية، وقوله تعالى: {عَوَانٌ بَينَ ذَلِكَ} في البقرة، فإنه ذكر قبل ذا أمورًا وأعاد الإشارة إليها من حيث إنها مذكورة أو مقولة فكأنه قال: ومن يفعل المذكور أو المقول، وفي هذه الآية حجة لمن قال إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وهو الصحيح من مذهب مالك على ما ذكر في الأصول اهـ مفهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>