الجاهلية، قبل إسلامي وإيماني، أي أطلب بتلك الأمور الإحسان إلى الناس، والثواب عند الله تعالى، أي فعلتها في الجاهلية (هل لي فيها) أي في فعل تلك الأمور (من شيء) أي شيء من الأجر والثواب (فقال له) أي لحكيم بن حزام (رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت) يا حكيم حالة كونك مثابًا (على ما أسلفت) وقدمت في الجاهلية (من) عمل (خير) من صدقة، وصلة رحم مثلًا ببركة إسلامك، قال ابن بطال وغيره من المحققين: إن الحديث على ظاهره، لا تأويل فيه، وأن معناه إذا أسلم الكافر وحسن إسلامه، ومات على الإسلام يثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر وقوله (والتحنث التعبد) أي عبادة الله تعالى بشيء من القربات، كلام مدرج في آخر الحديث أدرجه وزاده الزهري تفسيرًا لمعنى التحنث المذكور في الحديث.
قال المازري (قوله أسلمت على ما أسلفت) يقتضي أن من أسلم وقد فعل الخير في الجاهلية أنه يثاب على ذلك الخير والقواعد ترده، لأن شرط الثواب نية التقرب، ولا تصح من الكافر لجهله بالمتقرب إليه، كالناظر في دليل الإيمان فإنه لا يثاب لجهله بالمتقرب إليه، وإن كان مطيعًا بالنظر فيؤول الحديث بأن يكون معناه أسلمت وقد تعودت فعل الخير في الجاهلية، وسيدوم لك ذلك في الإسلام، لأنك تعودته، أو أسلمت وقد اكتسبت به ثناة جميلًا في الجاهلية وهو باق عليك في الإسلام، أو يعني أنه يزاد في تضعيف حسناته التي اكتسبها في الإسلام بسبب ما فعل من خير في الجاهلية، وقد قالوا في الكافر يفعل الخير أنه يخفف عنه بسبب ذلك وإذا صح التخفيف صحت الزيادة، قال القاضي: وقيل: إن على بمعنى الباء السببية، أي أسلمت ببركة ما أسلفت، وقال الحربي: المعنى ما سلف لك من خير فهو لك، كما يقال أسلمت على ألف درهم، أي على أن أحرزها وأعطاها، قال القرطبي: وهذا الذي قاله الحربي هو أشبهها وأولاها، وهو الذي أشرنا إليه في الترجمة، وقال الأبي: يحمل الحديث على ظاهره من إثابة الكافر، قال النواوي: وإليه ذهب ابن بطال، واحتج بحديث أخرجه الدارقطني من سبع طرق؛ ثبتت كلها عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أسلم الكافر وحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة أسلفها، ومحا عنه كل سيئة عملها" كما سبق في أول هذه الترجمة، قالا لأبي: والحديث نص في القضية، وهو تفسير لما