للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَال أَهْلُ الْكِتَابَينِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَينَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيكَ الْمَصِيرُ" قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيكَ الْمَصِيرُ. فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، فَأَنْزَلَ اللهُ فِي إِثْرِهَا:

ــ

الاستفهام الإنكاري (أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم) التوراة والإنجيل، وفي لفظ أحمد "كما قال أهل الكتاب من قبلكم" أي أتقصدون بقولكم لي هذا القول كما قالت اليهود والنصارى لأنبيائهم من قبلكم حين كلفوا بأوامر ونواهٍ (سمعنا) ما قلتم لنا بآذاننا (وعصينا) أي خالفناكم فيما قلتم (بل) خالفوهم و (قولوا سمعنا) ما قلت لنا يا ربنا (وأطعنا) أي امتثلنا أوامرك يا إلهنا، وهب لنا (غفرانك) يا (ربنا) ومولانا فيما قصرنا في حقوقك الذي منه الشكاية من هذه الآية (وإليك) لا إلى غيرك (المصير) أي مصيرنا ومرجعنا للمحاسبة والمجازاة.

والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرهم على ما فهموه من الآية الأولى، وبين لهم أن لله تعالى أن يكلف عباده بما يطيقونه وبما لا يطيقونه، ونهاهم عن أن يقع لهم شيء مما وقع لضُلَّال أهل الكتاب من المخالفة، وأمرهم بالسمع والطاعة والتسليم لأمر الله تعالى على ما فهموه، فسلم القوم لذلك، وأذعنوا ووطنوا أنفسهم على أنهم كُلفوا في الآية بما لا يطيقونه، واعتقدوا ذلك، فلما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقول ذلك (قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) وفي لفظ أحمد إسقاط هذا المكرر (فلما اقترأها) أي قرأ تلك الآية (القوم) من الأصحاب الذين شكوا منها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من تلك الآية، وافتعل هنا بمعنى الثلاثي أتى به للمبالغة و (ذلت) أي لانت وخضعت والتذت (بها) أي بقراءة تلك الآية التي شكوا منها (ألسنتهم) أي ألسنة القوم الذين شكوا منها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذعنت بها وأيقنت بها قلوبهم يعني آية {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} وقوله (ذلت بها ألسنتهم) معطوف بعاطف مقدر كما قدرناه على اقترأها القوم، على كونه فعل شرط للما، وجوابها قوله (فأنزل الله) سبحانه وتعالى (في إثرها) أي عقب تلك الآية التي شكوا منها، يعني قوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ} والفاء زائدة في جواب لما، أي فلما قرأها القوم وذلت بها ألسنتهم، وأذعنت بها قلوبهم، أنزل الله تعالى في إثرها قوله: {آمَنَ الرَّسُولُ} إلخ ولفظ أحمد "فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في إثرها" وفي هامش بعض نسخ المتون قوله (فلما اقترأها ذلت بها ألسنتهم أنزل الله) كذا في

<<  <  ج: ص:  >  >>