عبيد، وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر "الدر المنثور ٢/ ١٣٧).
وقولوا يا عبادي ({رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَينَا إِصْرًا}) أي حملًا ثقيلًا، يأصر صاحبه أي يحبسه في مكانه والمراد به التكاليف الشاقة ({كَمَا حَمَلْتَهُ}) أي كما حملت الإصر ({عَلَى}) الأمم ({الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا}) أي ربنا لا تكلفنا ما يشق علينا فعله كما كلفت من قبلنا من الأمم الذين بعثت فيهم الرسل كبني إسرائيل، إذ كان يجب عليهم قطع موضع النجاسة من الثوب إذا تنجس وكانوا يدفعون ربع المال زكاة، إلى غير ذلك من تكاليفهم، وفي تعليمنا هذا الدعاء بشارة بأنه لا يكلفنا ما يشق علينا كما صرح ذلك في قوله:{وَمَا جَعَلَ عَلَيكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨] فلما قال القوم هذا الدعاء (قال) الله سبحانه وتعالى (نعم) أي أجبت لكم دعاءكم هذا، فلا أحمل عليكم إصرًا، وقولوا يا عبادي أيضًا ({رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ}) من العقوبات، أو من البلايا والمحن، ولا ما يشق علينا من الأحكام، فلما قال القوم ذلك (قال) الله سبحانه (نعم) أي أجبت لكم دعاءكم هذا فلا أحملكم ما لا طاقة لكم به، وقولوا يا عبادي ({وَاعْفُ عَنَّا}) أي وامح عنا آثار ذنوبنا فلا تعاقبنا عليها ({وَاغْفِرْ لَنَا}) أي واستر لنا عيوبنا وذنوبنا عن أعين الملائكة، ولا تفضحنا على رؤوس الأشهاد ({وَارْحَمْنَا}) أي تعطف بنا وتفضل علينا برحمتك الواسعة، وتقديم طلب العفو والمغفرة على طلب الرحمة، لما أن التخلية مقدمة على التحلية ({أَنْتَ مَوْلَانَا}) أي مالكنا، ومتولي أمورنا أو ناصرنا ({فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}) أي أعنا عليهم بإقامة الحجة عليهم، والغلبة عليهم حين قتالهم، أو ادفع عنا شرهم وكيدهم، فإن من حق المولى أن ينصر عبده، ومن يتولى أمره على الأعداء، فلما قال القوم هذا الدعاء (قال) الله سبحانه وتعالى لهم (نعم) أي أجبت لكم دعاءكم هذا.
وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة - رضي الله تعالى عنه - شارك المؤلف في روايته أحمد فقط (٢/ ٤١٢).
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى له بحديث ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - فقال: