منزهًا عن كل النقائص، والمقصود بهذا القول الإعراض عن هذا الخاطر الباطل، والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه.
قال القرطبي: قوله (فليقل آمنت بالله) أمر بتذكر الإيمان الشرعي، واشتغال القلب به لتمحى تلك الشبهات، وتضمحل تلك الترهات، وهذه كلها أدوية للقلوب السليمة الصحيحة المستقيمة التي تَعْرِضُ الترهات لها، ولا تمكث فيها، فإذا استعملت هذه الأدوية على نحو ما أُمر به، بقيت القلوب على صحتها، وانحفظت سلامتها، فأما القلوب التي تمكنت أمراض الشبه فيها، ولم تقدر على دفع ما حل بها بتلك الأدوية المذكورة، فلا بد من مشافهتها بالدليل العقلي، والبرهان القطعي كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الذي خالطته شبهة الإبل الجُرْب، حين قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا عدوى" فقال أعرابيٌّ: فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء، فإذا دخل فيها البعير الأجرب أجربها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فمن أعدى الأول" رواه البخاري ومسلم وأبو داود فاستأصل الشبهة من أصلها.
وتحرير ذلك على طريق البرهان العقلي أن يقال: إن كان الداخل أجربها فمن أجربه، فإن كان أجربه بعير آخر، كان الكلام فيه كالكلام في الأول، فإما أن يتسلسل أو يدور وكلاهما محال، فلا بد أن نقف عند بعير أجربه الله من غير عدوى، وإذا كان كذلك فالله سبحانه وتعالى هو الذي أجربها كلها أي خلق الجرب فيها، وهذا على منهاج دليل المتكلمين في إبطال وإنكار حوادث لا أول لها، على ما يعرف في كتبهم انتهى.
فيقال لو لم يوجد شيء إلا من شيء تسلسل لا إلى نهاية وهو محال، وهذا الحديث أعني حديث أبي هريرة شارك المؤلف في روايته البخاري (٣٢٧٦) وأبو داود (٤٧٢١) و (٤٧٢٢) ثمَّ ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه فقال:
(٢٤٧) - متا (. . .)(. . .)(وحدثنا محمود بن غيلان) العدوي مولاهم، أبو أحمد المروزي، نزيل بغداد الحافظ، روى عن أبي النضر في الإيمان، وعبد الرزاق في الصلاة، والنضر بن شميل في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، والفضل بن موسى في الفضائل، وبشر بن السري في الأمثال، وغيرهم، ويروي عنه (خ م ت س ق) وأبو