تركيبا مزجيًا على قطر من اليمن، قيل سُمي بذلك لأن صالحًا - عليه السلام - حين أمر بالخروج من حجر ثمود هاجر إلى اليمن، فلما دخل ذاك القطر مات، فقيل فيه حضر ومات، ثم غير عن صيغة الفعل إلى صيغة المصدر، فصار علمًا مركبًا لذلك القطر، كما بيناه في تفسيرنا "حدائق الروح" بما لا مزيد عليه (ورجل من كندة) اسم قبيلة في اليمن اسمه امرؤ القيس بن عابِس -بكسر الباء الموحدة والسين المهملة- الكندي كما سيأتي فيه (إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحضرمي) ربيعة بن عيدان (يا رسول الله إن هذا) الرجل الكندي (قد غلبني) وعدا عليَّ بالقوة واستولى (على أرضٍ) كانت ملكًا (لي) بالميراث من أبي وقد (كانت) تلك الأرض ملكًا (لأبي) قبل موته، فعادت إليَّ بالميراث، وفي الرواية الأخرى "انتزى على أرضٍ لي" فانتزى بمعنى غلب، وهو من النزو وهو الارتفاع، وهذا دليل على أن المُدعي لا يلزمه تحديد المُدعَى به، إن كان مما يُحَدُّ، ولا أن يصفه بجميع أوصافه كما يوصف المُسلَمُ فيه، بل يكفي من ذلك أن يتميز المُدعَى به تميُّزًا تنضبط به الدعوى، وهو مذهب مالك، خلافًا لما ذهبت إليه الشافعية، حيث ألزموا المدعي أن يصف المُدعى به بحدوده وأوصافه التامة المعينة كما يُوصف المسلم فيه، وهذا الحديث حجة عليهم، ألا ترى أنه صلى الله عليه وسلم لم يكلفه بتحديد الأرض ولا تعيينها بأوصافها، بل لما كانت الدعوى متميزة في نفسها اكتفى بذلك.
وظاهر هذا الحديث أن والد المُدَّعي قد كان توفي، وأن الأرض صارت للمدعي بالميراث ومع ذلك فلم يطالبه النبي صلى الله عليه وسلم بإثبات الموت ولا بِحَصْرِ الورثة، فيحتمل أن يقال إن ذلك كان معلومًا عندهم، ويحتمل أن يقال لا يلزمه إثبات شيء من ذلك ما لم يناكره خصمه، وفيه أيضًا دليل على أن من نسب خصمه إلى الغصب حالة المحاكمة لم ينكر الحاكم عليه، إلا أن يكون المقول له ذلك لا يليق به اهـ. من المفهم.
(فقال الكندي) امرؤ القيس بن عابس وهو المُدعَى عليه (هي أرضي) أي تلك الأرض ملكي كائنة (في يدي) وتحت تصرفي (أزرعها) وأحرثها وأنتفع بها كل سنة (ليس