للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَهُ فِيهَا حَقٌّ. فَقَال رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ لِلْحَضْرَمِيِّ: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ " قَال: لَا. قَال: "فَلَكَ يَمِينُهُ" قَال: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الرَّجُلَ فَاجِرٌ لَا يُبَالِي عَلَى مَا حَلَفَ عَلَيهِ، وَلَيسَ يَتَوَرَّعُ مِنْ شَيءٍ

ــ

له) أي لهذا الحضرمي المُدعي (فيها) أي في تلك الأرض (حق) أي أثر استحقاق وملك لها من زرع وغراس، وفي هذا دليل على أن المُدعى فيه لا ينزع من يد صاحب اليد لمجرد الدعوى، وأنه لا يسأل عن سبب يده، ولا عن سبب ملكه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحضرمي) المُدعي وهو ربيعة بن عيدان (ألك بينة) أي حجة وشهود تبين وتخبر أنها لك (قال) الحضرمي (لا) أي ليست لي بينة ولا شهود تشهد أنها لي (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم (فـ) ـإذا لم يكن لك بينة (لك يمينه) أي يمين الكندي على أن الأرض له لا لك فتقطع الخصومة بينكما، وفي الطريق الأخرى "شاهداك أو يمينه" وفي هذا دليل على أن المدعي يلزمه إقامة البينة، فإن لم يقمها، حلف المُدعى عليه، وهو أمر متفق عليه، وهو مستفاد من هذا الحديث.

فأما ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" رواه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما في رقم (١٣٤١١) فليس بصحيح الرواية، لأنه يدور على مسلم بن خالد الزنجي، ولا يحتج به، قال في التهذيب: صدوق كثير الأوهام، من الثامنة، مات سنة (١٧٩) أو بعدها لكن معنى متنه صحيح بشهادة الحديث المتقدم له، وبحديث ابن عباس الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه: "ولكن اليمين على من أنكر" رواه البيهقي في السنن الكبرى (١٠/ ٢٥٢).

وفيه حجة لمن لا يشترط الخلطة في توجه اليمين على المدعى عليه، وقد اشترط ذلك مالك واعتذر له عن هذا الحديث بأنها قضية في عين، ولعله صلى الله عليه وسلم علم بينهما خلطة فلم يطالبه بإثباتها والله سبحانه وتعالى أعلم.

(قال) الحضرمي (يا رسول الله إن الرجل) الكندي (فاجر) أي كاذب (لا يبالي) ولا يكترث (على ما حلف عليه) ولا يبحث عنه هل هو حق أم باطل، فيحلف على أي شيء كان، سواء كان صدقًا أو كذبًا (وليس) الرجل الكندي (يتورع) أي ينكفُّ ويخاف الله (من) الحلف على أي (شيء) أراد الحلف عليه، فيتبع هواه، ولا يمتثل أوامره ونواهيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>