شميل، فهو فعيل بمعنى فاعل، وقال ابن الأنباري: سُمي شهيدًا لأن الله تعالى وملائكته عليهم السلام شهدوا له بالجنة، فهو شهيد بمعنى مشهود له، وقيل: سُمي شهيدًا لأنه يشهد عند خروج روحه ما أُعد له من الثواب والكرامة، وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه، وقيل: لأنه شهد له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله، وقيل: لأن عليه شاهدًا يشهد بكونه شهيدًا وهو دمه، فإنه يبعث وجرحه يثغب دمًا، وقال الأزهري وغيره: سمي شهيدًا لأنه يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على الأمم السابقة، قال تعالى:{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} وعلى هذا القول لا اختصاص له بهذا السبب، لأنه قد جاء هذا في جماعة من المسلمين.
(واعلم) أن الشهيد ثلاثة أقسام:
الأول: شهيد الدنيا والآخرة وهو المقتول في حرب الكفار بسبب القتال، فهو شهيد في الآخرة، لأنه ينال فيها ثواب الشهداء وكرامتهم، وشهيد في الدنيا: لأنه لا يغسل ولا يصلى عليه.
والثاني: شهيد الآخرة فقط، لأنه يثاب ثواب الشهداء في الآخرة دون أحكام الدنيا، وهو المبطون والمطعون، وصاحب الهدم، ومن قتل دون ماله، والغريق، والحريق، والتي ماتت في الطلق، ولهذا يغسل ويُصلى عليه، وله في الآخرة ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون ثوابه مثل ثواب الأول.
والثالث: شهيد الدنيا فقط، كمن غل من الغنيمة، والمقاتل للحمية، والوطنية، والمحمدة، وغيرها، إذا قتل في حرب الكفار فهذا له حكم الشهداء في الدنيا، لا يغسل ولا يصلى عليه، وليس له ثوابهما الكامل في الآخرة.
وفي الحديث جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق، سواء كان المال قليلًا أو كثيرًا لعموم الحديث، وهذا قول جماهير العلماء، وقال بعض المالكية لا يجوز قتله إذا طلب شيئًا يسيرًا كالثوب والطعام، وهذا ليس بشيء، والصواب ما قاله الجمهور، وأما المدافعة عن الحريم فواجبة بلا خلاف، وفي المدافعة عن النفس بالقتل خلاف في مذهبنا ومذهب غيرنا، والمدافعة عن المال جائزة غير واجبة.
وقوله (فلا تعطه مالك) معناه لا يلزمك أن تعطيه، وليس المراد تحريم الإعطاء اهـ