هو الظاهر، لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يسقط باحتمال عدم قبوله والله أعلم.
وقال الأبي: والتوجيه بأنه لا يتعظ لا يصح لأنه ليس من شرط تغيير المنكر غلبة الظن بأن المغير عليه ينزجر إما اتفاقًا أو على الصحيح، فالصواب التوجيه بأنه خاف فتنته فإنّ تغيير المنكر، إنما يجب إذا لم يؤد إلى مفسدة أشد، ثم لما أمن شره عند الموت غير عليه بذكره الحديث له، لا أنه حدث تحرجًا من كتمان العلم لأنه لو تحرج من ذلك حدث غيره والله أعلم انتهى.
وهذا السند من رباعياته، رجاله ثلاثة منهم بصريون، وواحد أُبُلي (إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد) أي ليس عبد (يسترعيه الله) أي يستحفظه الله سبحانه (رعية) أي قومًا من المسلمين بتفويض أمورهم إليه، وجعلهم تحت ولايته وقوله (يموت) خبر ما الحجازية (حين يموت) متعلق بيموت، وجملة قوله (وهو غاش لرعيته) أي لتلك الرعية حال من فاعل يموت الأول، أي ليس ذلك العبد يموت يوم موته، والحال أنه غاش غير ناصح لها (إلا حرم الله) سبحانه وتعالى (عليه الجنة) أي دخولها أصلًا إن كان مستحلًا لغشها، أو ابتداءً حتى يُعاقب على غشه إن لم يستحله، والاسترعاء من الرعاية وهو الحفظ، والغش ضد النصيحة، فغش الإمام الرعية بتضييعه حدودهم وحقوقهم، وتركه سيرة العدل فيهم، والذب عنهم وعن دينهم فيما يطرأ عليه من التحريض، وترك حماية حوزتهم، فإن غشهم بشيء من ذلك ناله الوعيد المذكور، لأنه خان الله تعالى فيما ائتمنه عليه، وجعله خليفة منه فيه، وواسطة بينه وبين خلقه في تدبير أمورهم، والغش في شيء من ذلك كبيرة للتوعد عليه بالنار واعلم أنه لا يقصر الحديث على الأمراء بل هو عامٌّ في كل من وُكِل إليه حفظ غيره كما قال صلى الله عليه وسلم:"كلكم راعٍ" فالإمام راعٍ والرجل في أهله راعٍ، وكذا العبد والمرأة في مال السيد والزوج اهـ إكمال إكمال المعلم.
قال القاضي عياض: ومعنى الحديث التحذير من غش المسلمين لمن قلده الله شيئًا من أمرهم واسترعاه عليهم، ونصبه خليفة لمصلحتهم، وجعله واسطة بينه وبينهم في