وسلم أنه قال:"اتقوا الحديث عنِّي إِلا ما علمتم، فمَنْ كَذَبَ عليَّ متعمدًا .. فليتبوأْ مقعدَه من النار، ومَنْ قال في القرآن برَأْيِه .. فليتبوأْ مقعدَه من النار" رواه الترمذي في "جامعه"(٢٩٥١) وقال: حديث حَسَن.
فصل: وفيه فوائد:
الأُولى منها: أَنَّ الحاءَ التي تُوجَدُ بين الطريقَينِ .. اختُلف فيها، فقيل: إِنها مأخوذٌ من التحويل منحوتةٌ منه؛ لتحوُّلهِ وانتقالِه من إِسنادٍ إِلى آخَر، وإِنه يقول القارئ إِذا انتهى إِليها:(خ) ويستمرُّ في القراءة، ورأيتُ لبعض المتأخرين استحسان زيادة هاء السكت.
قلتُ: وتَحْسُنُ زيادتُها في الوقف لا في الوصل، ولعل هذا الشيخَ المتأخِّرَ إِنما أطْلَقَ؛ لأنه يَرَى أَنَّ الوقفَ عليها يتعيَّنُ، وهو الأَوْلى؛ لاستقلالها بنفسها.
وقيل: إِنها مأخوذٌ مِنْ حَال بين الشيئين إِذا حَجَز بينهما؛ لكونها حَالتْ بين الإِسنادَينِ، وعليه: فلا يُلفظ عند الانتهاء إِليها بشيءٍ؛ إِذْ ليستْ من الرواية.
وقيل: إِنها رَمْزٌ إِلى الحديث، وإِنَّ أهلَ الحديثِ كُلّهم إِذا وَصَلُوا إِليها يقولون: الحديث، وقد كَتبَ جماعة من الحُفاظ موضعها:"صح"، فيُشْعِرُ بأنها رَمْزُ "صح".
قال النوويُّ: (وحَسُنَتْ هنا كتابةُ "صح"؛ لئلا "يتَوَهَّمَ أنه سَقَطَ متنُ الإِسنادِ الأول، ثم هذه الحاءُ تُوجَدُ في كتب المتأخّرين كثيرًا، وهي كثيرةٌ في "صحيح مسلم" قليلةٌ في "صحيح البخاري"، فيتأكَّدُ احتياجُ قارئ هذا الكتاب إِلى معرفتها، وقد أرشدناه إِلى ذلك، فللهِ الحمدُ والنعمة، والفضلُ والمِنَّة) اهـ سنوسي (١).
قلتُ: إِنَّ هذه الحاءَ نَحْتٌ من (حَوَّلَ) بصيغة الماضي المُسْنَدِ إِلى المؤلِّف، وأَنَّ الواوَ الداخلةَ بعدها على حَدَّثَنَا -مثلًا- عاطفةٌ للقَوْلِ المحذوفِ على (حَوَّلَ)