للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المنحوتِ عنه المرموزِ إِليه بهذه الحاء، وهذه الحاء لا تُلفظ، بل الملفوظُ المقروءُ إِذا وَصَلَ القارئُ إِليها المنحوتُ عنه الذي هو (حَوَّلَ)؛ لأنَّ النَّحْتَ لا يُقْرَأُ ولا يُلْفَظُ، بل المنحوتُ عنه.

نظيرُها: قولُهم: (انتهى) إِذا وصلوا إِلى (اهـ)، وقولُهم: (إِلى آخره) إِذا وصلوا إِلى (إِلخ)، وقولُهم: (قال المصنِّفُ) إِذا وصلوا إِلى (ص)، وقولُهم: (قال الشارح) إِذا وصلوا إِلى (ش)، فلا يقولون في هذه النحوت (اهـ) و (إِلخ) و (ص) و (ش)، فما الفَرْقُ بين هذه الحاء وبين هذه النحوت المذكورة وغيرِها ممَّا يَكْثُرُ في كلامهم كالبسملة والحوقلة والصلعمة والهيعلة وغيرها؟ !

وهذا الفَرْقُ فَرْقٌ بلا فارقٍ وقولٌ بلا دليلٍ، وهذا التفريق خَرْقٌ للقاعدة العربية في النَّحْت، والنَّحْتُ لغةً: مطلَقُ الاختصار، واصطلاحًا: أن يُخْتَصَرَ من كلمةٍ أو كلمتَينِ فأكثرَ حرفٌ أو حرفان فأكثرُ، فالنَّحْتُ لا يُقْرأُ؛ لأنه رَمْزٌ رُمِزَ به إِلى المنحوت المقروء.

واصطلاحُ المحدِّثين في هذه الحاء اصطلاحٌ خارقٌ للقاعدة النحوية فلا يُتابَع، وإِنْ قاله أكابرُهم وحُفَّاظُهم .. فهم إِنما يُتَابَعُون في نَقْلِ الحديث لا في القاعدة النَّحْوية، فتقول أيها القارئُ إِذا وَصَلْتَ إِلى هذه الحاء: (حَوَّلَ وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع ... ) إِلخ؛ أي: حَوَّل المؤلِّفُ -رحمه الله تعالى- وغَيَّرَ السَّنَدَ إِلى سَنَدٍ آخر، وقال: حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبي شيبة ... إِلخ، ولا تَسْتَغْرِبْ ما قُلْناه، ولا تَقُلْ: هذا ما وَجَدْنا عليه آباءَنا، ولقد أجادَ مَنْ قال: كَمْ تَرَكَ الأوائلُ للأواخِرِ ما لَم يَطَّلِعُوا عليهِ مِنَ المسائل، كَمْ فتح الإِلهُ فضلًا للأواخِر من الكُنوز ما لم يَفْتَح للأوائل.

ولولا خوفُ الإِطالةِ .. لبسطتُ الكلامَ في هذه المقالة استدلالًا واستشهادًا، ولكنْ فيما ذكرنا كفايةٌ لمَنْ عنده رُسُوخٌ في القواعد العربية.

الثانية: جَرَتْ عادةُ أهلِ الحديث بحَذْفِ (قال) فيما بين رجال الإِسناد في الخطّ، وينبغي للقارئ أن يلفظَ بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>