للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قال النوويُّ: (وإِذا تكَرَّرَتْ كلمة "قال" كقوله: "حدثنا صالحٌ قال: قال الشَّعْبِيُّ" .. فإِنهم يحذفون إِحداهما في الخطّ؛ فَلْيَقُلْهما القارئُ، فلو ترَكَ القارئُ لفظةَ "قال" .. فقد أخطأ، والسماعُ صحيحٌ؛ للعِلْم بالمقصود، ويكون هذا من الحذف لدلالة الحال عليه، والله أعلم) (١)؛ لأنَّ حَذْفَ القولِ جائزٌ اختصارًا جاء به القرآنُ العظيمُ، وكذا قال ابن الصلاح أيضًا في "فتاويه" مُعَبِّرًا بـ (الأظهر).

قال العراقي: (وقد كان بعض أئمة العربية -وهو العلامة شهاب الدين عبد اللطيف بن المرحّل- يُنْكِرُ اشتراطَ المحدِّثين التلفُّظَ بـ"قَال" في أثناء السند، وما أدري ما وَجْه إِنكارِه، لأن الأصل هو الفَصْلُ بين كلامَي المتكلِّمَينِ للتمييزِ بينهما، وحيث لم يفصل فهو مُضْمَر، والإِضمارُ خلافُ الأصل).

قلتُ: وَجْهُ ذلك في غاية الظُّهور؛ لأن (أخبرنا وحَدَّثَنَا) بمعنى: (قال لنا)؛ إِذْ (حَدَّثَ) بمعنى (قال)، و (نا) بمعنى (لنا)، فقولُهم: (حَدَّثَنَا فلانٌ حَدَّثَنَا فلانٌ) معناه: قال لنا فلان قال لنا فلان، وهذا واضحٌ لا إِشكال فيه.

وقد ظَهَرَ لي هذا الجوابُ وأنا في أوائل الطلب فعرضتُه لبعض المُدَرِّسين فلم يَهْتَدِ لفَهْمِه لجَهْلِه بالعربية، ثم رأيتُه بعد نحو عشر سنين منقولًا عن شيخ الإِسلام، وأنه كان يَنْصُرُ هذا القولَ ويُرَجِّحُه، ثم وقفتُ عليه بخطه فلله الحمد. ذكره السيوطي في "التدريب" (٢).

الثالثة: من لطائف صَنْعَةِ الإِسناد التي اخْتَصَّ بها الإِمامُ مسلمٌ في "جامعه" رحمه الله تعالى وتجده يتحرَّاها لِوَرَعِه أجزل اللهُ مثوبتَه: (الفَرْقُ) بين حَدَّثَنى وحَدَّثَنَا، وأخبرني وأخبرنا، فحَدَّثَني: فيما سمعه وحدَه من لفظ الشيخ، وحَدَّثَنَا: فيما سَمِعَه مع غيره، وأخبرني: فيما قَرَأَه وحدَه على الشيخ، وأخبرنا: فيما قُرِئَ على الشيخ بحضرته.


(١) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٣٦).
(٢) (٢/ ١١٥) (النوع السادس والعشرون).

<<  <  ج: ص:  >  >>