المسلم، فكان واثقًا بإنصافه وتخليص حقه من الكافر إن خانه بخلاف العصر الأخير الذي أشار إليه، فإنه صار لا يبايع إلا أفرادًا من الناس يثق بهم اهـ فتح الملهم (١/ ١٧٨).
(ولئن كان) الذي أبايعه (نصرانيًّا أو يهوديًّا ليردنه عليَّ) في أداء حقي (ساعيه) أي كفيله وضمينه (وأما اليوم) الحاضر (فما كنت) مريدًا (لأبايع) بكسر اللام ونصب الفعل لأنها لام الجحود لوقوعها بعد كان المنفية بما، أي ما كنت مريدًا البيع مع أحد (منكم إلا فلانًا وفلانًا) أي إلا أفرادًا قلائل من الناس، لرفع الأمانة، وقلة الأمناء.
وقد تقدم آنفًا أن معنى المبايعة هنا البيع والشراء المعروفان، ومراده أني كنت أعلم أن الأمانة لم ترتفع وأن في الناس وفاءً للعهود فكنت أقدم على مبايعة من اتفق لي من غير بحث عن حاله، وثوقًا بالناس وأمانتهم فإنه إن كان مسلمًا فدينه وأمانته تمنعه من الخيانة، وتحمله على أداء الأمانة، وإن كان كافرًا فساعيه وهو الوالي عليه كان يقوم أيضًا بالأمانة في ولايته فيستخرج حقي منه، وأما اليوم فقد ذهبت الأمانة فما بقي لي وثوق بمن أبايعه ولا بالساعي في أداء الأمانة فما أبايع إلا فلانًا وفلانًا، يعني أفرادًا من الناس أعرفهم وأثق بهم، والحاصل أنه أشار بقوله (إلا فلانًا وفلانًا) إلى العصر الأخير الذي أدركه، والأمانة فيهم بالنسبة إلى العصر الأول أقل، وأما الذي ينتظره فإنه حيث تفقد الأمانة من الجميع إلا النادر، وحاصل هذا الخبر أنه صلى الله عليه وسلم أنذر برفع الأمانة، وأن الموصوف بالأمانة يسلبها حتى يصير خائنًا بعد أن كان أمينًا، وهذا إنما يقع على ما هو مشاهد لمن خالط أهل الخيانة، فإنه يصير خائنًا، لأن القرين يقتدي بقرينه السابق.
وهذا الحديث أعني حديث حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنه شارك المؤلف في روايته أحمد (٥/ ٣٨٣) والبخاري (٦٤٩٧) والترمذي (٢١٨٠) وابن ماجه (٤٠٥٣).
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه هذا فقال: