وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه أن رجاله كلهم كوفيون.
(قال) حذيفة رضي الله عنه (كنا عند عمر) بن الخطاب العدوي، أبي حفص الفاروق، أمير المؤمنين (فقال) لنا عمر (أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال الأبي: يحتمل أنه استفهام حقيقة، وأنه كان سمع حديثًا في الفتن ولم يحفظه، ويحتمل أنه عرفه ولكن أراد أن يعلمه الحاضرون، وأي استفهامية في محل الرفع مبتدأ، وجملة سمع خبرها أي من سمع منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كونه (يذكر) شأن (الفتن) والامتحانات والبلايا الواقعة للمسلمين (فقال قومٌ) من الحاضرين لعمر (نحن سمعناه) أي سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الفتن الواقعة للعباد (فقال) عمر للقوم العلكم تعنون) وتقصدون بالفتنة التي سمعتموها منه صلى الله عليه وسلم (فتنة الرجل) وامتحانه (في أهله) وأولاده أي شغله عن فعل الخيرات والعبادات بسبب خدمتهم وإطعامهم وسقيهم ومحادثتهم (و) فتنته في (جاره) أي شغله بسبب المحادثة معه عن فعل الخيرات أو تقصيره بترك الإهداء له، قالوا: وفتنة الرجل في أهله وماله وولده ضروب من فرط محبته لهم، وشجه عليهم، وشغله بهم عن كثير من الخير، كما قال تعالى:{أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} أو تفريطه وتقصيره فيما يلزم من القيام بحقوقهم، ومن تأديبهم وتعليمهم، فإنه راعٍ عليهم، ومسؤول عن رعيته، وكذلك فتنة الرجل في جاره بتقصيره في حقوقه والنصيحة له بالإرشادات والعظات.
وقال القاضي: فتنة الرجل في أهله وماله وولده صرفه من فرط محبته لهم وشجه عليهم وشغله بهم عن كثير من الخير، كما قال تعالى:{أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ} وكما قال صلى الله عليه وسلم: "الولد مجبنة مبخلة" فهذه كلها فتن تقتضي المحاسبة ومنها ذنوب يرجى تكفيرها بالحسنات، كما قال تعالى:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}.
(قالوا) أي قال القوم لعمر (أجل) حرف تصديق في الجواب بمعنى نعم أي نعم قصدناها (قال) عمر (تلك) الفتنة، أي فتنة الرجل في أهله وجاره وماله لا بأس بها فإنها (تكفرها الصلاة) أي الصلوات الخمس (والصيام) أي صيام رمضان (والصدقة) أي