وعدم الأب المعاون، وإذا قيل (لا أبا لك) فمعناه جُدَّ في هذا الأمر وشمِّر وتأهب تأهُّب من ليس له معاون والله أعلم.
وعبارة المفهم هنا: وقوله (أكسرًا لا أبا لك) استعظام من عمر لكسر ذلك الباب، وخوف منه أن لا ينجبر، لأن الكسر لا يكون إلا عن إكراه وغلبة، فكأن الباب المغلق عن دخول الفتن على الإسلام عمر رضي الله تعالى عنه وكسره قتله، واللام في لا أبا لك مقحمة، وكذلك في قولهم: لا يدي لفلان بهذا الأمر، ولا تريد العرب بهذا الكلام نفي الأبوة حقيقة، ، إنما هو كلام جرى على ألسنتهم كالمثل، ولقد أبدع البديع حيث قال في هذا المعنى:
وقد يُوحَشُ اللفظُ وكلُّه ودَّ ... ويكرَهُ الشيءُ وما مِن فعله بدُّ
هذه العرب تقول:"لا أبا لك" للشيء إذا أهم و"قاتله الله" ولا يريدون به الذم، و"وويل أمه" للأمر إذا تم، ولذوي الألباب في هذا الباب أن ينظروا إلى القول وقائله، فإن كان وليًّا فهو الولاء وإن خشن، وإن كان عدوًا فهو البلاء وإن حسن.
وإعراب (لا أبا لك) لا: نافية للجنس تعمل عمل إن، أبا: في محل النصب اسمها مبني بفتح مقدر منع من ظهوره التعذر لأنه اسم مقصور على لغة من يُلزم الأسماء الخمسة الألف كقوله:
إن أباها وأبا أباها ... قد بلغا في المجد غايتاها
لك: اللام زائدة، والكاف ضمير متصل في محل الجر مضاف إليه لأبا وخبر لا محذوف وجوبًا تقديره موجودٌ (فلو) ثبت (أنه) أي أن ذلك الباب (فتح) فلو شرطية وجملة أن في تأويل مصدر فاعل لفعل محذوف هو فعل الشرط، وجوابه جملة (لعله) أي لعل ذلك الباب، وكلمة (كان) زائدة وجملة (يعاد) خبر لعل، وجملة لعل جواب لو الشرطية، والتقدير: فلو ثبت فتحه يرجى إعادته، قال حذيفة (قلت) لعمر (لا) يفتح (بل يكسر) ذلك الباب فلا يعاد إلى حاله الأول، لأن المكسور لا تمكن إعادته بخلاف المفتوح.
قال الأبي: لا يُعنى بالفتن هنا الفتن الواقعة بعد قتل عمر كيوم الجمل وصفين،