مِنْ عِنْدِ عُمَرَ، جَلَسَ فَحَدَّثَنَا. فَقَال: إِن أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَمْسِ لَمَّا جَلَسْتُ إِلَيهِ سَأَلَ أَصْحَابَهُ: أَنُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في الْفِتَنِ؟ . وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِمِثْلِ حَدِيثِ أبِي خَالِدٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ تَفْسِيرَ أَبِي مَالِكِ لِقَوْلِهِ:"مِرْبَادًا مُجَخِّيًا"
ــ
من المدينة (من عند عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما (جلس) في حلقته، وهذا السند من خماسياته، رجاله كلهم كوفيون إلا ابن أبي عمر فإنه عدني مكي، وغرضه بسوقه بيان متابعة مروان بن معاوية لأبي خالد الأحمر في رواية هذا الحديث عن سعد بن طارق، أبي مالك الأشجعي، وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه.
(فحدثنا) ما جرى بينه وبين عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما من الحوار في المدينة (فقال) حذيفة (إن أمير المؤمنين) عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنهم، وهو أول من سُمي بأمير المؤمنين، وقوله (أمسِ) ظرف زمان متعلق بقوله (لما جلست إليه) وهو هنا اسم للزمن الماضي، لا المعنى المعروف فيه، وهو أنه اسم لليوم الذي قبل يومك الذي أنت فيه متصلًا به، وقد بسطنا الكلام عليه بما لا مزيد عليه في كتبنا النحوية كـ "جواهر التعليمات" و"نزهة الألباب"، فالمراد بقوله (أمس) الزمن الماضي لا أمس يومه، وهو اليوم الذي يلي يوم تحديثه، لأن مراده لما قدم حذيفة الكوفة في انصرافه من المدينة من عند عمر رضي الله تعالى عنهما، والمعنى أن أمير المؤمنين لما جلست عنده في المدينة في الزمن الماضي قبل رجوعي إلى الكوفة (سأل أصحابه) أي جلساءه فقال (أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم) وحديثه (في الفتن وساق) أي ذكر مروان بن معاوية (الحديث) السابق، والباء في قوله (بمثل حديث أبي خالد) الأحمر زائدة، لتأكيد معنى المماثلة، ومثل بدل من الحديث، أو حال منه، أي وساق مروان مثل حديث أبي خالد، أو وساق الحديث المذكور، حالة كونه مماثلًا لحديث أبي خالد لفظًا ومعنى (ولم يذكر) مروان بن معاوية في روايته (تفسير أبي مالك لقوله مربادًا) في قوله ما أسود مربادًا، وتفسر قوله (مجخيًا) في قوله فما الكوز مجخيًا، وهذا استثناء من المماثلة في قوله: بمثل حديث أبي خالد.
ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة ثانيًا في حديث حذيفة رضي الله تعالى عنه فقال: