عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَال:"إِن الإِسْلامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأْرِزُ بَينَ الْمَسْجِدَينِ كَمَا تَأرِزُ الْحَيَّةُ في جُحْرِهَا"
ــ
رجاله اثنان منهم مدنيان، وواحد مكي، وواحد مدائني وواحد نيسابوري أو بغدادي (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أن الإسلام بدأ) ونشأ وظهر حالة كونه (غريبًا) أي قليل الأهل والأصحاب (وسيعود) أي وسيكون (غريبًا) أي قليل الأهل والأصحاب في آخر الزمان (كما بدأ) غريبًا، أي سيكون غريبًا غربة كغربته في بدايته، فطوبى لمن تغرب بسببه (وهو) أي دين الإسلام (يأرز) أي ينضم ويجتمع في آخر الزمان (بين المسجدين) المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن السراج: ليأرز بضم الراء، وحكى القابسي: فتح الراء، قال ابن دريد: أرز الشيء يأرز من باب نصر وفتح وضرب، وقال ابن التين: والصواب الكسر، وكلها بمعنى واحد.
وفي السنوسي: قوله: ليأرز إلى المدينة بكسر الراء بعدها زاي معجمة، ويُروى ضمها وفتحها، والأول المشهور أي إذا ثبتت في الأرض، وشجرة أرزة أي ثابتة مجتمعة لا تتحرك، أي يجتمع الإسلام ويقوى أهله بين مسجدي مكة والمدينة لا تحركهم البدع والخرافات عن قدم النبي صلى الله عليه وسلم وإن انتشرت في سائر الأمصار والمدن، وحركت أهلها عن قدم النبي صلى الله عليه وسلم (كما تأرز) أي تلتف (الحية) وتجتمع برمتها (في جحرها) لا تخرج منه وقت خوفها على نفسها أو من البرودة.
وهذا الحديث أعني حديث ابن عمر انفرد به الإمام مسلم رحمه الله تعالى، وغرضه بذكره الاستشهاد به لحديث أبي هريرة الذي ذكره استدلالًا به على الترجمة.