للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَال: "قَسَمَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَسْمًا، فَقُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، اعْطِ فُلانًا فَإِنَّهُ مُؤْمِنْ. فَقَال النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْ مُسْلِمٌ"

ــ

وهذا السند من خماسياته، رجاله ثلاثة منهم مدنيون، واثنان مكيان، وفيه رواية ولد عن والده، ورواية تابعي عن تابعي.

قال المازري: اعترض الدارقطني والحميدي وأبو مسعود الدمشقي وغيرهم على الإمام مسلم رحمهم الله تعالى بأن المحفوظ عند غيره رواية سفيان عن معمر عن الزهري، فكيف يرويه عن سفيان عن الزهري بإسقاط معمر مع أن سفيان مدلس، وأجيب عنه باحتمال أن سفيان سمع هذا الحديث من الزهري مرة بلا واسطة، وسمعه من معمر عن الزهري مرة أخرى فرواه على الوجهين، فلا يقدح أحدهما في الآخر، ولكن انضمت أمور اقتضت ما ذكروه منها: أن سفيان مدلس، وقد قال عن، ومنها: أن أكثر أصحابه رووه عن معمر عن الزهري فيجاب عنها بأن مسلمًا لا يروي عن مدلس قال عن إلا إن ثبت عنده سماعه ممن عنعن عنه، وبالجملة فهذا الكلام في الإسناد لا يؤثر في المتن، فالمتن صحيح على كل تقدير متصل والله أعلم.

(قال) سعد (قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم) يومًا وقوله (قسمًا) مفعول مطلق مؤكد لعامله أي فرق تفرقة مالًا من أموال الله بين المستحقين من ضعفاء الإيمان، وترك واحدًا منهم بلا عطاء له، قال سعد (فقلت: يا رسول الله) مالك أعرضت عن فلان بلا إعطاء له، بل (أعط فلانًا) مثل الناس (فإنه) أي فإن فلانًا الذي أعرضت عنه وتركت الإعطاء له (مؤمن) أي مصدق بالله ورسوله، وفي قول سعد هذا جواز تنبيه الإمام على أمر ديني، وتكريره ذلك لجزمه بإيمان الرجل (فقال النبي صلى الله عليه وسلم) لسعد قل إنه مؤمن (أو مسلم) بسكون الواو، أي منقاد للأحكام الشرعية الظاهرية فلا تجزم بإيمانه، قال القاضي: ولما كان الإيمان عمل قلب لا يطلع عليه البشر رد على سعد جزمه بإيمان الرجل بقوله (أو مسلم) أي قل إنه مؤمن أو مسلم، لأن الإسلام هو الذي يمكن أن يعلم، فأو للتنويع أو للشك، فمن فتح الواو فقد أخطا وأحال معنى الحديث لأن الفتح يُصير الهمزة للاستفهام، وليس المعنى عليه وإنما قصد النبي صلى الله عليه وسلم الرد على سعد جزمه بإيمان الرجل مع أنه لا يطلع عليه.

وعبارة المفهم هنا: لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد استفهامه وإنما أشار له

<<  <  ج: ص:  >  >>