إلى القسم الآخر المختص بالظاهر الذي يمكن أن يُدرك، فجاء بأو التي للتقسيم والتنويع اهـ.
قال الأبي: فإن قلت: قد يشكل كونها للشك أو للتنويع لأنه لا يستقيم معه الرد لأن الحديث دل على أن الرجل يستحق الإعطاء، ومنع من إعطائه استئلاف غيره، وهو إنما يستحق الإعطاء إذا كان مؤمنًا.
قلت: الرد على سعد إنما هو بجزمه بما لا يعلم لا من جهة حال الرجل، وما ذكره صاحب التحرير إنه كان كافرًا لا يصح اهـ.
قال سعد (أقولها) أي أقول كلمة: يا رسول الله أعط فلانًا فإنه مؤمن (ثلاثًا) أي ثلاث مرات (ويرددها) أي يكرر رسول الله صلى الله عليه وسلم رد كلماتي (علي ثلاثًا) أي ثلاث مرات بقوله: قل فإنه مؤمن (أو مسلم ثم) بعد ردها عليَّ ثلاث مرات (قال) بيانًا لحكمة إعراضه عن الرجل وحرمانه من العطاء (إني لأعطي الرجل) الضعيف الإيمان استثلافًا له على إيمانه (وغيره) أي والحال أن غير ذلك الضعيف (أحب إلي) وأعجب عندي لقوة إيمانه (منه) أي من ذلك الضعيف الذي أعطيته (مخافة أن يكبه الله) سبحانه ويسقطه (في النار) الأخروية بسبب ارتداده أو سوء الظن بي وقوله مخافة مفعول لأجله لقوله لأعطي الرجل والضمير في يكبه يعود على الرجل المعطى أي أستئلف قلبه بالإعطاء مخافة كفره إذا لم يعط.
وقوله (أن يكبه الله) هو بفتح الياء وضم الكاف من كب الثلاثي إذ هو المتعدي، أما الرباعي منه فهو قاصر، وذلك عكس ما اشتهر في الأفعال من كون الفعل اللازم بغير همزة فيُعدَّى بالهمزة، ولم يأت في لسان العرب فعل ثلاثيه متعد، ورباعيه غير متعد إلا كلمات قليلة وهي: كب وقشع ونسل ونزف ومري ونشق، يقال: أكب الرجل وكببته، وأقشع الغيم وقشعته الريح، وأنسل ريش الطائر ووبر البعير ونسلته، وأنزفت البئر قل ماؤها ونزفتها، وأَمْرَتِ الناقة در لبنها ومريتها، وأنشق البعير رفع رأسه ونشقته اهـ من الأبي.
والحديث أصح دليل على صحة الفرق بين حقيقتي الإيمان والإسلام، وأن الإيمان