أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَعْطَى رَهْطًا، وَسَعْدٌ جَالِسْ فِيهِمْ. قَال سَعْدٌ: فَتَرَكَ رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَيَّ. فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لكَ عَنْ فُلانٍ؟ فَوَاللهِ إِنِّي لأَرَاهُ مُؤْمِنًا. فَقَال رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوْ مُسْلِمًا"
ــ
وهذا السند من سداسياته، رجاله كلهم مدنيون إلا زهير بن حرب فإنه نسائي، وغرضه بسوق هذا السند بيان متابعة ابن أخي ابن شهاب لسفيان بن عيينة في رواية هذا الحديث عن الزهري وفائدة هذه المتابعة بيان كثرة طرقه، لأن المتابع صدوق فلا يصلح لتقوية المتابع، لأنه ثقة ثبت وكرر متن الحديث لما في هذه الرواية من المخالفة للرواية الأولى.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى رهطًا) أي جماعة من المؤلفة شيئًا من مال الله تعالى، والرهط في الأصل الجماعة دون العشرة (وسعد) أي والحال أن سعد بن أبي وقاص (جالس فيهم) أي في أولئك الرهط، قال عامر بن سعد (قال) أبي (سعد) بن أبي وقاص (فترك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم) أي من أولئك الرهط (من لم يعطه) أي رجلًا واحدًا لم يعطه من ذلك العطاء (وهو) أي والحال أن ذلك الرجل المتروك (أعجبهم) أي أعجب أولئك الرهط (إليّ) وأحبهم عندي لقوة إيمانه، وأفضلهم وأصلحهم في اعتقادي، قال سعد (فقلت: يا رسول الله)(ما لك) ما استفهامية في محل الرفع مبتدأ، والجار والمجرور خبره، أي أيُّ شيء ثبت حتى أعرضت (عن فلان) وتركته عن العطاء (فوالله) أي فأقسمت لك بالله الذي لا إله غيره (إني لأراه) أي لأعلم ذلك المتروك (مؤمنًا) بالله ورسوله ومصدقًا بهما قال النواوي: هو بفتح الهمزة من (لأراه) أي لأعلمه ولا يجوز ضمها، فإنه قال غلبني ما أعلم منه، ولأنه راجع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، ولو لم يكن جازمًا باعتقاده لما كرر المراجعة اهـ.
وقال في المفهم: الرواية بضم الهمزة بمعنى أظنه وهو من سعد حلف على ما ظنه فكانت هذه اليمين لاغية، ولذلك لم ينكرها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أمره بكفارة عنها، فكان فيه دليل على جواز الحلف على الظن، وأنها هي اللاغية، وهو قول مالك والجمهور اهـ.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) لسعد قل لأعلمه مؤمنًا (أو مسلمًا) بأو التي