(وسعيد بن المسيّب) بفتح الياء على المشهور الذي قاله الجمهور، ومنهم من يكسرها، وهو قول أهل المدينة، قال ابن خلكان: روي عن ابنه سعيد أنَّه كان يكسرها ويقول: سيب الله من يُسيِّب أبي، بن حزن بوزن سهل القُرشيّ المخزومي، أبي محمَّد المدنِيُّ الأعور، سيد التابعين، ما أحد أوسع علمًا منه في التابعين، ولد سنة (١٥) ومات سنة (٩٤) ثِقَة ثبت من كبار الثَّانية، وفائدة هذه المقارنة بيان كثرة طرقه، كلاهما (عن أبي هريرة) عبد الرَّحْمَن بن صخر الدوسي المدنِيُّ، وهذا السند من سداسياته، رجاله ثلاثة منهم مدنيون، واثنان مصريان، وواحد أيلي، وفيه رواية تابعي عن تابعي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نحن) معاشر الأنبياء (أحق) وأولى وأحرى (بالشك) أي بتطرق الشك في الإيمان لو فُرض وقُدر في إيمان الأنبياء (من إبراهيم) الخليل صلى الله عليه وسلم، ولا يتطرق الشك في إيمان سائر الأنبياء عليهم السلام، فضلًا عن إبراهيم الذي هو خليل الرَّحْمَن، فليس سؤاله إراءة الإحياء للشك في قدرة الله تعالى على الإحياء، بل طلبًا لطمأنينة القلب، وزيادة الإيمان, والمعنى أن الشك مستحيل في حق إبراهيم، فإن الشك في إحياء الموتى لو كان متطرقًا إلى الأنبياء، لكنت أنا أحق من إبراهيم، وقد علمتم أني لم أشك، فاعلموا أن إبراهيم - عليه السلام - لم يشك، وإنما خص إبراهيم بالذكر من بين الأنبياء لكون الآية قد يسبق منها إلى بعض الأذهان الفاسدة احتمال شك إبراهيم - عليه السلام -، وإنما رجح إبراهيم على نفسه تواضعًا وأدبًا، أو قبل أن يعلم صلى الله عليه وسلم أنَّه خير ولد آدم، قال صاحب التحرير: قال جماعة من العلماء: لما نزل قوله تعالى: {أَوَلَمْ تُؤْمِنْ} قالت طائفة من المسلمين شك إبراهيم ولم يشك نبينا، فقال النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بالشك منه.
ثم قال: ويقع لي فيه معنيان أحدهما: أنَّه خرج مخرج العادة في الخطاب، فإن من أراد المدافعة عن إنسان، قال للمتكلم فيه: ما كنت قائلًا لفلان أو فاعلًا من مكروه فقله لي، وافعله معي، ومقصوده لا تقل ذلك فيه.
وثانيهما: أن معناه أن هذا الذي تظنونه شكًا أنا أولى به، فإنَّه ليس بشك وإنما هو