للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِذْ قَال: {رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحْيِ الْمَوْتَى قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قَال بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠] قَال: "وَيَرْحَمُ الله لُوطًا،

ــ

طلب لمزيد اليقين، وقيل غير هذا من الأقوال، ولكن اقتصرنا على ما ذكرناه لكونه أصحها وأوضحها والله أعلم اهـ نووي.

والظرف في قوله (إذ قال) متعلق بمحذوف حال من الشك تقديره: نحن أحق بالشك من إبراهيم، حال كون الشك مظنونًا منه وقت قوله ({رَبِّ أَرِنِي كَيفَ تُحْيِ الْمَوْتَى} أي وقت طلبه من ربه إراءة كيفية إحياء الموتى، حين قال: {رَبِّ أَرِنِي} .. إلخ سأله عن إراءة كيفية إحياء الموتى مع إيمانه الجازم بالقدرة الربانية، فكان يريد أن يعلم بالعيان ما كان يوقن به بالوجدان.

قال الحسن والضَّحَاك وقتادة وعطاء وابن جريج: سبب سؤاله أنَّه رأى جيفة مطروحة في شط البحر، وقد توزعها دواب البحر والبر، فإذا مد البحر أكل منها دواب البحر، وإذا جزر البحر جاءت السباع فأكلت منها، وإذا ذهبت السباع جاءت الطيور فأكلت وطارت، فلما رأى إبراهيم ذلك تعجب منها وقال: يَا رب إنِّي قد علمت أنك لتجمعها من بطون السباع وحواصل الطيور وأجواف الدواب، فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك فأزداد يقينًا، فعاتبه الله تعالى على ذلك حيث ({قَال أَوَلَمْ تُؤْمِنْ}) أي أتسألني عن ذلك ولم توقن وتصدق بقدرتي على الإحياء، قال العلماء: والهمزة فيه همزة استثبات كقول جرير:

ألستم خير من ركب المطايا

({قَال} إبراهيم ({بَلَى}) يَا رب آمنت وصدقت أنك قادر على الإحياء، وليس سؤالي لعدم إيماني بذلك ({وَلَكِنْ}) سألتك عن ذلك ({لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}) أي ليوقن قلبي ويزداد طمأنينة وبصيرة بمضامة العيان إلى الاستدلال، أو سألتك لتسكن حرارة قلبي وأعلم بأني خليلك مجاب الدعوة، والمطلوب من السؤال أن يصير العلم بالاستدلال ضروريًا بالعيان.

(فإن قلت): كيف قال: أو لم تؤمن وقد علم أنَّه أثبت النَّاس إيمانًا؟ (قلتُ): ليجيب بما أجابه به، لما فيه من الفائدة الجليلة للسامعين.

وقصة إبراهيم هذه هي موضع الترجمة، وذكر ما بعدها لإتمام الحديث، قوله (قال ويرحم الله لوطًا) معطوف بعاطف مقدر على قال الأول، أي وقال رسول الله صلى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>