للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى اللهُ عَلَيهِ وَسلمَ قَال: "مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِيٍّ إِلا قَدْ أُعْطِيَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى الله إِليَّ. فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ"

ــ

لا بأس به، وقال في التقريب: ثِقَة من الثَّانية، مات سنة (١٠٠) مائة، وليس في مسلم كيسان إلَّا هذا الثقة روى عنه في تسعة أبواب تقريبًا كما بيناه آنفًا.

(عن أبي هريرة) عبد الرَّحْمَن بن صخر المدنِيُّ الدوسي رضي الله عنه، وهذا السند من خماسياته، رجاله ثلاثة منهم مدنيون، وواحد مصري، وواحدة بغلاني.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما من الأنبياء من نبي) ما مهملة لانتقاض نفيها بإلا، ومن الأولى بيانية متعلقة بمحذوف صفة للمبتدأ، أو حال منه، ومن الثَّانية زائدة، ونبي مبتدأ، وسوغ الابتداء بالنكرة دخول من الزائدة عليه، أو تقدم النفي، أو وصفه بالصفة المقدمة على قول، وكلمة إلَّا في قوله (إلا قد أُعطي) مفرغة، ما بعدها خبر المبتدأ، والتقدير ما نبي من الأنبياء قبلي إلَّا قد أُعطي وأوتي (من الآيات) والمعجزات (ما) كان (مثله) لمن كان قبله من الأنبياء فـ (آمن) بالمد وفتح الميم بصيغة الماضي و (عليه) بمعنى به أي إلَّا أُعطي من المعجزات ما وجد مثله ونظيره لمن وإن قبله من الأنبياء فآمن به (البشر) قبله، والمعنى أي ما نبي من الأنبياء قبلي إلَّا أعطي من المعجزات معجزة مسبوقة بمثلها ونظيرتها التي آمن بها البشر قبله.

وأما معجزتي العظيمة الظاهرة المستمرة فهي القرآن؛ الذي لم يُعطَ أحدٌ قبلي مثله فلهذا أنا أكثرهم تابعًا، وهذا معنى قوله (وإنما كان الذي أُوتيت) وأعطيت وخُصِّصت به (وحيًا) أي قرآنًا (أوحا) هـ (الله) سبحانه وتعالى وأنزله (إليَّ) فالقرآن كلام الله المُعجز المستمر على ممر السنين والدهور إلى قرب يوم القيامة (فـ) بسبب كونه معجزة مستمرة إلى يوم القيامة لا يبدل ولا يُغير ولا ينسخ (أرجو) وآمل من الله سبحانه وتعالى (أن أكون) أنا (كثرهم) أي أكثر الأنبياء (تابعًا يوم القيامة) وتابعًا تمييز محول عما هو المبتدأ في الأصل، أي أرجو أن يكون أتباعي أكثر من أتباعهم.

قال القاضي عياض: أشار النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم بقوله: "وإنما كان الذي أوتيت وحيًا" إلى أن سائر معجزات الأنبياء انقرضت بانقراضهم، ولم يُشاهدها إلَّا من كان حاضرًا لها، ومعجزة نبينا صلى الله عليه وسلم من القرآن، وخرقه للعادة في أسلوبه وبلاغته بينة واضحة لكل من يأتي إلى يوم القيامة، إلى ما انطوى عليه من الإخبار عن

<<  <  ج: ص:  >  >>