أحد إن رفعا، والقضية حقيقية فلا مفهوم لاسم الإشارة حتَّى يقصر على من في زمنه صلى الله عليه وسلم بل هو عام فيه وفيمن سيوجد من الأمة إلى يوم القيامة، وقوله (ولا نصراني) جاء على الفصيح من أن المعطوف على المنفي بـ (لا) أن يكون معه النفي ومنه قوله تعالى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١)}، وقوله (ثم يموت) والعطف بـ (ثم) يدل على أن الإيمان متى حصل نفع ولو بعد مدة من السماع وقيل إنما عطف بها للاستبعاد كما هو في قوله تعالى: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا} أي لا أبعد في العقل من يهودي أو نصراني بعد انتظارهما بعثتي ثم لما بعثت لم يؤمنا بي فعلى هذا يختص الحديث بأهل الكتاب بخلاف ما تقدم اهـ. أُبّي.
والحديث دليل على أن من لم تبلغه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أمره لا عقاب عليه ولا مؤاخذة كما يدل عليه قوله تعالى:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} ومن لم تبلغه دعوة الرسول ولا معجزته فكأنه لم يبعث إليه رسول كمن كان بأطراف العمران أو في بعض الجزائر المنقطعة ولهذا الأصل نقطع أن يأجوج ومأجوج بلغتهم الدعوة لما صح في حديث بعث النَّار، وقيل إنه صلى الله عليه وسلم أنذرهم ليلة الإسراء وهذا لا يصح، وكما أن بلوغ الدعوة شرط فكذا فهم التكليف فإن وجد من الأعاجم من لم يفهم فهو بمنزلة من لم تبلغه الدعوة، ويأتي الكلام على أهل الفترة إن شاء الله تعالى. اهـ. سنوسي.
وهذا الحديث دليل على الجزء الأول من الترجمة. وعبارة القاضي وهذا الحديث دليل على أن من في أطراف الأرض وجزائر البحر المنقطعة ممن لم تبلغه دعوة الإِسلام ولا أمر النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم أن الحرج عنه في عدم الإيمان به ساقط لقوله:"لا يسمع بي" إذ طريق معرفته والإيمان به صلى الله عليه وسلم مشاهدة معجزته وصدقه أيام حياته صلى الله عليه وسلم أر صحة النقل بذلك والخبر لمن لم يشاهده وجاء بعده بخلاف الإيمان بالله تعالى وتوحيده الذي يوصل إليه بمجرد النظر الصحيح ودليل العقل السليم اهـ. وهذا في العصر الأول وأما الآن فلا عذر فقد تواصلت أقطار الأرض وأرجاؤها بالطائرات والبواخر والقواطير وبالهواتف.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أَحْمد (٣/ ٣١٧) وهو مما انفرد به مسلم عن أصحاب الأمهات.