قال النواوي: قوله (وأخبرني عمرو) هو بالواو في أول وأخبرني وهي واو حسنةٌ فيها دقيقة نفيسة، وفائدة لطيفة، وذلك أن يونس سمع من ابن وهب أحاديث من جملتها هذا الحديث، وليس هو أولها، فقال ابن وهب في روايته الحديث الأول: أخبرني عمرو بكذا، ثم قال: وأخبرني عمرو بكذا، وأخبرني عمرو بكذا إلى آخر تلك الأحاديث، فإذا روى يونس عن ابن وهب غير الحديث الأول، فينبغي له أن يقول: قال ابن وهب وأخبرني عمرو فيأتي بواو العطف لأنه سمعه هكذا, ولو حذفها لجاز ولكن الأولى الإتيان بها ليكون راويًا كما سمع والله أعلم اهـ.
ويحتمل أن تكون الواو عاطفة على محذوف تقديره أخبرني غير عمرو هذا الحديث الآتي، وأخبرني عمرو أَيضًا أن أَبا يونس حدثه إلخ والله أعلم.
(أنَّه) صلى الله عليه وسلم (قال: والذي نفس محمَّد بيده) أي أقسمت بالإله الذي نفس محمَّد وروحه بيده وتصرفه، وأتى بالقسم لتأكيد الكلام (لا يسمع بي) أي ببعثتي (أحد من هذه الأمة) مع تبيُّن معجزتي له، والمراد بـ (هذه الأمة) أمة الدعوة ممن هو موجود في زمنه صلى الله عليه وسلم وبعده إلى يوم القيامة فكلهم يجب عليهم الدخول في دينه وطاعته، وقوله (يهودي ولا نصراني) بغير واو العطف بدل من هذه الأمة بدل بعض من كل، وقد روى هذا الحديث عبد بن حميد، وقال:"لا يسمع بي أحدٌ من هذه الأمة ولا يهودي ولا نصراني" بواو العطف، رواه أبو عوانة بهذا اللفظ، فحينئذ لا يدخل اليهودي ولا النصراني في هذه الأمة المذكورة، فيكون من عطف الخاص على العام، وإنما ذكر اليهودي والنصراني تنبيهًا على من سواهما، وذلك لأن اليهودي والنصراني لهم كتاب فإذا كان هذا شأنهم مع أن لهم كتابًا فغيرهم ممن لا كتاب له أولى (ثم) بعد سماعه إياي (يموت و) الحال أنَّه (لم يؤمن بـ) الدين (الذي أرسلت) وبعثت (به إلَّا كان) ذلك الأحد (من أصحاب النَّار) الأخروية وأهلها لكفره، وقوله (من هذه الأمة) والأمة تأتي بمعنى الواحد كقوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً} وبمعنى الجماعة كقوله تعالى: {وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} وبمعنى الأتباع كقوله صلى الله عليه وسلم: "شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي" وبمعنى أمة الدعوة أي كل من دعاه إلى الإيمان, وهي المرادة هنا لأن يهوديًّا ونصرانيًّا بالنصب بدل من الأمة، بدل بعض من كل، أو بدل من