النصارى (آمن) وصدق (بنبيه) الأول الإيمان الحقيقي قولًا وفعلًا ثم لم يزل على ذلك حتَّى جاء الإِسلام (وأدرك النَّبِيّ) محمدًا (صلى الله عليه وسلم فآمن به) أي فصدق النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم في رسالته (واتبعه) فيما أمر به (وصدقه) فيما أخبر به عن الله تعالى وفي بعض النسخ (وصدق به) كعبد الله بن سلام وأبي بن كعب وأضرابهما (فله) أي فلذلك الرَّجل (أجران) أي ثوابان، والأجران قيل أحدهما في اتباعه الحق الأول والآخر في اتباعه الحق الثاني وهذا لا يظهر بل هما في اتباعه الحق الثاني ضوعف له بسبب تمسكه بالأول لأن به تظهر الفائدة وإلا فمعلوم أن له في كل اتباع أجرًا وأما من لم يكن على حق في ذلك الدين فليس له إذا رآه وأسلم إلَّا أجر واحد ويبقى النظر فيمن كان على حق فيه ولم يدرك النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم ككعب الْأَحبار فيحتمل أن يكون له أجر واحد ويحتمل أن يكون له أجران بناء على أن (أدرك) هل معناه أدركه بالزمان أو أدركه بالدليل، اهـ أُبِّي.
وعبارة "المفهم" هنا وهذا الكتابي الذي يضاعف أجره هو الذي كان على الحق في شرعه عقدًا وفعلًا ثم لم يزل متمسكًا بذلك إلى أن جاء نبينا صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبع شريعته فهذا هو الذي يؤجر على اتباع الحق الأول والحق الثاني وأما من اعتقد الإلهية لغير الله تعالى كما تعتقده النصارى اليوم أو من لم يكن على حق في ذلك الشرع الذي ينتمي إليه فإذا أسلم جب الإِسلام ما كان عليه من الفساد والغلط ولم يكن له حق يؤجر عليه إلَّا الإِسلام خاصة، والله أعلم.
(و) الثاني (عبد) أي رقيق (مملوك أدى) ووفى (حق الله تعالى) وفي بعض النسخ "حق الله عليه"(وحق سيده فله) أي لذلك الرقيق (أجران) قال الأبي: والأظهر أن الأجرين على أدائه حق الله تعالى زيادة على أدائه حق سيده، وعن بعضهم أنَّه رأى من دين عبده ما أعجبه فأعتقه، فقال له العبد: لم حرمتني أحد أجري (و) الثالث (رجل كانت له أمة فغذاها) بالذال المعجمة أي أطعمها من صغرها إلى كبرها (فأحسن غذاءها) بكسر الغين المعجمة والمد أي طعامها بإطعامها مما يطعم (ثم أدبها) بآداب الدين