للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَأَحْسَنَ أَدَبَهَا، ثُمَّ أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا، فَلَهُ أَجْرَانِ" ثُمَّ قَال الشَّعْبِيّ لِلْخُرَاسَانِيِّ: خُذْ هذَا الْحَدِيثَ بِغَيرِ شَيءٍ. فَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يَرْحَلُ فِيمَا دُونَ هَذَا إِلَى الْمَدِينَةِ

ــ

والدنيا، والأدب ما في فعله محمدة وفي تركه مذمة أي علمها الأدب (فأحسن أدبها) أي كمله في كل شيء أو أدبها برفق ولين (ثم أعتقها) لله تعالى (وتزوجها) لإعفافها (فله) أي لذلك الرَّجل (أجران) أجر على عتقها وأجر على تزوجها، قال الأبي: وإذا كان له أجر على العتق فجملة ما له أربعة أجور لأن في تعليمه وتأديبه أجرين، والأجران له حتَّى لو تزوجها محبة وشهوة نفس وحتى لو أعتقها بنفس الشراء قبل التأديب والتعليم، وظاهر الحديث حتَّى لو جعل عتقها صداقها، وصح أنَّه صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وجعل عتقها صداقها، فجعله مالك من خصائصه صلى الله عليه وسلم وعممه الشَّافعيّ.

(ثم) بعد فراغه من هذا الحديث (قال الشعبي للـ) رجل (الخُرَاسَانِيّ: خذ هذا الحديث) مني (بغير شيء) من الأجرة تعطيه لي على تعليمي إياك (فقد كان الرَّجل) من السلف (يرحل) ويسافر (في) طلب (ما دون هذا) الحديث منفعة (إلى المدينة) المنورة نور الله تعالى من نورها صلى الله عليه وسلم ففي هذا جواز قول العالم مثل هذا تحريضًا للسامع على حفظ ما قاله، وفيه أيضًا بيان ما كان عليه السلف رحمهم الله تعالى من تعظيم العلم والجد به وتحمل المشاق في طلبه بالرحلة إلى البلدان البعيدة في طلب حديث واحد أو مسألة واحدة، فعن جابر رضي الله عنه أنَّه رحل في طلب حديث واحد مسيرة شهر، وعن ابن المسيّب: إن كنت لأسير في طلب الحديث الواحد الأيام، وذكر الخَطيب أن ابن المبارك رؤي في المنام فقيل له: ما فعل الله بك قال: غفر لي برحلتي في طلب الحديث. وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته أَحْمد (٤/ ٤٠٥) والبخاري (٣٠١١) والتِّرمذيّ (١١١٦) والنَّسائيّ (٦/ ١١٥).

قال النووي: وفي هذا الحديث بيان فضيلة من آمن من أهل الكتاب بنبينا محمَّد صلى الله عليه وسلم وأن له أجرين لإيمانه بنبيه قبل النسخ والثاني لإيمانه بنبينا صلى الله عليه وسلم، وفيه بيان فضيلة العبد المملوك القائم بحقوق الله تعالى وحقوق سيده، وبيان فضيلة من أعتق مملوكته وتزوجها وليس هذا من الرجوع في الصدقة في شيء بل هو إحسان إليها بعد إحسان. اهـ

(تتمة) قال السنوسي يتمم ما ذكره الأبي من تعيين أحد الأمرين لحصول الأجرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>