بيده) وفي بعض النسخ:"والذي نفس محمَّد بيده" وأتى بالقسم تأكيدًا للكلام وإفادة لتحقق نزوله في المستقبل واللام في قوله (ليوشكن) رابطة لجواب القسم، ويوشكن بضم أوله وكسر ثالثه معناه ليقربن وهو من أفعال المقاربة، وجملة قوله (أن ينزل فيكم) أي في آخر هذه الأمة وإن كان خطابًا لبعضها ممن لا يدرك نزول عيسى (ابن مريم - عليه السلام -) في تأويل مصدر مرفوع على الفاعلية ليوشك لأنها هنا تامة كما قال ابن مالك في الخلاصة:
بعد عسى اخلولق أوشك قد يرد ... غنى بأن يفعل عن ثان فقد
وقوله (حكمًا) أي حاكمًا بهذه الشريعة مجددًا لها لا نبيًّا أرسل بشريعة مستقلة ناسخة، حال من ابن مريم، وقوله (مقسطًا) أي عادلًا في حكمه صفة لـ (حكمًا)، والمعنى أقسمت لكم بالإله الذي نفسي بيده ليقربن نزول عيسى ابن مريم من السماء فيكم أيتها الأمة المحمدية حالة كونه حاكمًا عادلًا يحكم بينكم بالعدل والقسط بهذه الشريعة مجددًا لها تكرمة لهذه الأمة وهذه الشريعة، لا ينزل نبيًّا برسالة مستقلة وشريعة ناسخة بل هو حاكم من حكام هذه الأمة لأن هذه الشريعة آخر الشرائع ونبيها آخر الأنبياء.
والمقسط العادل يقال أقسط يقسط إقساطًا وقسطًا بكسر القاف فهو مقسط إذا عدل ومنه قوله تعالى:{وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} وقسط يقسط من باب ضرب، قسوطًا وقسطًا بفتح القاف إذا جار ومنه قوله تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (١٥)}.
والأكثر على أن عيسى لم يمت بل رفع إلى السماء، وقال مالك: مات عيسى وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وقال ابن رشد: يعني بموته خروجه من عالم الأرض إلى عالم السماء، قال: ويحتمل أنَّه مات حقيقة ويحيا في آخر الزمان إذ لا بد من نزوله لتواتر الأحاديث بذلك، وكان أبو هريرة يلقى الفتى الشاب فيقول له: يَا ابن أخي إنك عسى أن تلقى عيسى ابن مريم فأقرئه مني السلام، تحقيقًا لنزوله فما ذكره ابن حزم من الخلاف في نزوله لا يصح.
قال ابن العربي: ويروى أنَّه يتزوج امرأة من بني ضبة اسمها راضية ثم يموت ويصلي عليه المسلمون ويدفن في روضة النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفيها موضع قبر، ويقال: إنما بُقِّي له، والمحقق أن نزوله من أشراط الساعة وصح أنَّه الذي يقتل الدجال